للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسان محمد بن منصور، وهو ناسخ هذه النسخة وهو أحد تلاميذ الشيخ علم الدين السخاوي؛ حيث قال: «إلى هنا انتهت قراءتي على المصنف من أول الكتاب من النسخة التي نقلت هذه منها، كتبه محمد بن منصور مالكها» (١).

ومن كلام الناسخ يمكن أن نؤكد أن الذي لم يتم هو قراءة الناسخ - الذي هو تلميذ المصنف - التفسير عليه، لا أن التفسير لم يتم، وهذا بيّن جدّا من سياق الكلام، كما لا يستبعد - في نظرنا - أن الحموي وغيره لم يدققوا في هذه العبارة، وسار المتأخرون على ما ذكر المتقدمون في هذا الأمر.

* وهناك احتمال آخر قد نفسر به كلام ياقوت ومن اتبعه وهو احتمال قويّ كذلك، وهو أننا من خلال قراءتنا لترجمة السخاوي وأخباره وقفنا على أن للسخاوي تفسيرا آخر مطوّلا ومن الممكن أن هذا التفسير المطوّل هو الذي لم يتم، أو أن المصنف وصل فيه إلى سورة الكهف؛ ويؤيد هذا أن بعضهم نقل عن السخاوي آراء في التفسير لم نجدها في تفسيره الذي بين أيدينا نحققه، ومن ذلك ما أورده أبو شامة (وهو من كبار تلاميذ السخاوي) في تاريخه عند الحديث عن فتح بيت المقدس؛ حيث قال أبو شامة: «رأيت أنا في كتاب تفسير القرآن لأبي الحكم بن برجان (٢) ذكر في تفسير أول سورة الروم أن بيت المقدس استولت عليه الروم عام سبع وثمانين وأربعمائة، وأشار أنه يبقى بأيديهم إلى تمام خمسمائة وثلاث وثمانين سنة.

وهذا الذي ذكره أبو الحكم الأندلسي في تفسيره من عجائب ما اتفق لهذه الأمة المرحومة، وقد تكلم عليه شيخنا أبو الحسن علي بن محمد في تفسيره الأول؛ فقال: «وقع في تفسير أبي الحكم الأندلسي في أول سورة الروم إخبار عن فتح بيت المقدس؛ وأنه ينزع من أيدي النصارى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. قال: ولم أره أخذ ذلك من علم الحروف وإنما أخذه فيما زعم من قوله: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ١ - ٤] فبنى الأمر على التاريخ كما يفعل المنجمون، فذكر أنهم يغلبون في سنة كذا وكذا ويغلبون في سنة كذا وكذا على ما تقتضيه دوائر التقدير.


(١) ينظر: تفسير السخاوي الورقة (١٠٥) من المخطوط.
(٢) هو عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن أبو الحكم اللخمي الإفريقي، ثم الإشبيلي المشهور بابن برجان. كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث والكلام والتصوف مع الزهد والاجتهاد في العبادة، ومن مصنفاته: تفسير القرآن وشرح الأسماء الحسنى. توفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة. تنظر ترجمته في: طبقات المفسرين للسيوطي (١/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>