للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النفير فإنهم جاءوا بسلاحهم وشوكتهم ليقابلوا ويمنعوا العير (١). وقد مضى في الأنعام (٢) شرح الدابر.

الخائف لا ينام وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد نزلوا ليلة على كثيب أعفر (٣) ينهال رملا وترابا لا تثبت عليه أقدامهم للقاء، وليس هناك ماء وأجنب كثير منهم تلك الليلة، فوسوس إليهم الشيطان قوة الخوف، وأنكم تلقون ربكم وأنتم على جنابة (٦٥ /ب) ولستم على طهارة، وأن هذه الكثيب لا تثبت فيه الأرجل، فأرسل الله عليهم نعاسا يدل على حصول الأمن في القلوب، وأمطرت السماء حتى سال الوادي، واجتمع ماء كثير فاغتسلوا، وتجلدت الأرض، فثبتت عليها الأقدام (٤).

{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٣) ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النّارِ (١٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)}

{فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} قيل: بما تلقون في قلوبهم من الثبات والنصر. وقيل: كان الملك يتصور في صورة رجل ويمر بطوائف المسلمين فيقول: يا عباد الله اثبتوا، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (٥)، فقوله على هذا القول حقيقة.

{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ} أي: أعاليها. وقيل: اضربوا الرؤوس، كقول الشاعر [من الوافر]:


(١) رواه الطبري في تفسيره (٩/ ١٨٢).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٤٥) عند قوله - تعالى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
(٣) العفرة: غبرة في حمرة، وصلابة الأرض، وأرض عفراء: بيضاء لم توطأ. ينظر: لسان العرب (عفر).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٩/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٥) نسبه السيوطي بنحو ذلك في الدر المنثور (٤/ ٣٤) لابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>