للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانت قريش لما حصروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شعب، وكتبوا كتابا ألا يعاملوا ولا يخالطوا - دخلت بنو المطلب مع بني هاشم في الشّعب الذي حصروا فيه، فلما جاءت الغنائم بعد ذلك أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بني هاشم وبني المطلب ولم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل شيئا، فجاء عثمان بن عفان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وجبير بن مطعم من بني نوفل ابن عبد مناف، فقالا: يا رسول الله، أرأيت إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم، لمكانك الذي وضعك الله فيه منهم، ولكن إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما قرابتنا وقرابتهم واحدة. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن بني هاشم وبني المطلب ما افترقوا في جاهلية ولا إسلام، وشبك بين أصابعه» (١). وسهم ليتامى المسلمين، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. وقال بقية العلماء: إنما تقسّم الغنائم على خمسة أسهم، وأسقطوا السهم المختص بالكعبة، وأبقوا الخمسة الباقية (٢).

{يَوْمَ الْفُرْقانِ} يوم بدر، وصور حالهم، كأنك تشاهده، وقال: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا} و (العدوة) جانب الوادي. والدنيا: القريبة، {وَهُمْ} يعني: الكفار {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى} أي: البعيدة {وَالرَّكْبُ} يعني: العير. {أَسْفَلَ مِنْكُمْ} فإن كفار قريش جاءوا بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين العير، وحموا بذلك أموالهم. يعني: ليهلك من هلك عن بينة، فقتل صناديد قريش، وأعلى كلمة الله. {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ} (٦٧ /أ) قال الأكثرون بظاهرها، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى في المنام أنهم قليلون (٣).

وعن الحسن: أن المنام للعين؛ لأنها موضع النوم، فرآهم بعينه في اليقظة قليلين في ظنه، حتى تقدم عليهم المؤمنون، وقلل المؤمنين في أعين الكفار في أول الأمر، حتى هجموا وقاتلوا، فلما اختلطوا كثر الله المؤمنين في أعين الكفار، حتى جبن الكفار، وهو معنى قوله:

{فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} (٤) ومستحب ذكر


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ٦) وقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال سهم ذي القربى كان لقرابة رسول الله من بني هاشم وحلفائهم من بني المطلب لأن حليف القوم منهم ولصحة الخبر الذي ذكرناه بذلك عن رسول الله».
(٢) ينظر: الأم للشافعي (٤/ ١٤٧)، بدائع الصنائع للكاساني (٦/ ١٠٠)، بداية المجتهد لابن رشد (١/ ٥١٧)، المبسوط للسرخسي (٣/ ١٧)، المغني لابن قدامة (٧/ ٢٩٩).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ١٢) ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٧٤) لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٤) سورة آل عمران، الآية (١٣) ورواه الطبري في تفسيره (٣/ ١٩٥) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>