فلم يستطع، فقال: يا رسول الله، مر بعضهم يحمله معي، قال: لا، قال: فاحمله أنت معي، قال: لا، فنثر منه ما عجز أن يحمله، فلم يقدر، فقال: مر بعضهم أن يحمله معي، قال: لا، قال: أو احمله أنت عليّ، قال: لا، فنثر منه شيئا نثرا حتى استطاع حمل الباقي، وحمله على كتفه فأتبعه النبي صلّى الله عليه وسلم ببصره تعجبا منه ومن حرصه (١).
{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ} يمكنك الله منهم. {فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} وكان في أول الإسلام لا ولاء بين المهاجر ومن لم يهاجر، وهو قوله:{وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتّى يُهاجِرُوا}.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} فلا تولوهم. {إِلاّ تَفْعَلُوهُ} ما أمرتكم به {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ}.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا} من المهاجرين والأنصار. {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} ثم ذكر من
(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (٤١١) عن أنس رضي الله عنه، ولفظه: قال أنس: «أتي النبي صلّى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحدا إلا أعطاه إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله أعطني؛ فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: خذ. فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إليّ. قال: لا. قال: فارفعه أنت علي. قال: لا. فنثر منه ثم ذهب يقله فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه عليّ. قال: لا. قال: فارفعه أنت علي. قال: لا. فنثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله ثم انطلق فما زال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وثم منها درهم».