للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (١). أي: يكثر القتل، والله يريد أن تريدوا الآخرة {لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ} من الرأي {عَذابٌ عَظِيمٌ} قال عمر:

دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر وهما يبكيان، فقلت: ما يبكيكما؟ خبروني، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أبكي لما عرض عليّ من عذاب قومك، لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة، وأشار إلى شجرة قريبة من المسجد» (٢).

وقال صلّى الله عليه وسلم: «لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه إلا عمر» (٣).

وكان العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم يظهر الكفر ويبطن الإسلام، وكان من المطعمين يوم بدر، والمطعمون عشرة، كل واحد يطعم يوما فينحر عشرة جزائر، فأسر العباس، فلما جاء الفداء، قال النبي صلّى الله عليه وسلم للعباس: افد نفسك وافد عقيلا فقال: يا رسول الله، ما لي شيء، فقال عليه السّلام: فأين الذهبية التي أعطيتها لأم الفضل في ظلام الليل، وقلت: إني ذاهب، فإن هلكت فلفلان كذا (٦٨ /أ) ولفلان كذا، ولفلان كذا، فقال: يا رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد من خلق الله، وأظهر الإسلام. وفي رواية: أنه لما قال له: (افد نفسك) قال: كنت مسلما في الباطن، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أما في الظاهر فقد كنت علينا»، وأنزل الله - تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى} يعني العباس {إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} محبة الإسلام {يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} قال العباس بعد ذلك بسنتين:

«والله لقد آتاني الله خيرا مما أخذ مني، فإن لي اليوم عشرين عبدا مضاربا مع كل عبد عشرون ألفا، وإني لأرجو المغفرة من ربي» (٤).

وروي أنه جاء مال من البحرين فنثر في المسجد فجاء العباس فقال: يا رسول الله أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال: خذ. فأخذ ثوبا فملأه دراهم، وطلب أن يحمله


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٣).
(٢) رواه مسلم (١٧٦٣)، وأبو داود رقم (٢٦٩٠)، والترمذي رقم (٣٠٨١).
(٣) نسبه بهذا اللفظ الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٢/ ٣٩) للواقدي في كتاب المغازي، ورواه الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٨) بلفظ: «لو عذبنا في هذا الأمر يا عمر ما نجا غيرك».
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره رقم (٩١٧٧)، وذكره الواحدي في أسباب النزول (ص: ٢٤٥) رقم (٤٨٩)، وفي سنده الكلبي وهو ضعيف في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>