للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنّ قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكّدا

هم بيّتونا بالوتير هجّدا ... وقتلونا ركّعا وسجدا

والوتير: ماء من مياههم.

فقال النبي صلّى الله عليه وسلم حين سمع شعرهم: "لا نصرت إن لم أنصركم" ثم جاء أبو سفيان بن حرب، فأراد أن يجدد العهد والعقد، وهو إذ ذاك مشرك فلم يجد إلى ذلك سبيلا، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّا ومعه أبو هريرة وجماعة من الصحابة يقرءون على الكفار سورة براءة، ويعرفونهم أن العهد بينهم قد انتقض، وأنه لم يأخذهم بغتة، بل أمهلهم أربعة أشهر ليرجع من كان غائبا في البادية؛ ليستعدوا للحرب بوجوه الاستعداد (١). {مُخْزِي} مهين ومذل.

{وَأَذانٌ} وإعلام.

{يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} يوم النحر؛ لأن فيه طواف الزيارة، ورمي جمرة العقبة، ونحر الهدي أو ذبحه، وحلق الرأس. وقيل: يوم الحج الأكبر: يوم عرفة؛ لأن الحج يفوت بفواته، بخلاف بقية الأركان.

قرئ {وَرَسُولِهِ} بالعطف على اسم الله، وقرئ بالجر (٢) على القسم بالرسول، كقوله:

{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (٧٢) ثم استثنى الله - تعالى - من ثبت على العهد ولم ينقضه


(١) نسبه الزيلعي بهذا السياق في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٢/ ٥٤) لابن هشام في سيرته في غزوة مؤتة من طريق ابن إسحاق والبيهقي في دلائل النبوة، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ١٣٨) لابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة.
(٢) قرأ "ورسوله" بالجر الحسن البصري، والواو واو القسم، أو على الجوار، وقرأ الجمهور "ورسوله " بالرفع، وقرأ عيسى بن عمر وزيد بن علي وابن أبي إسحاق "ورسوله" عطفا على لفظ الجلالة، أو على أنه مفعول معه تنظر في: إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربع عشر للبنا (١/ ٢٤٠)، البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٦)، تفسير القرطبي (٨/ ٧٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤٤٢/ ٣)، الكشاف للزمخشري (٢/ ١٧٣)، واستبعد السمين الحلبي صحة نسبة قراءة الجر للحسن وقال: "تبعد صحتها عن الحسن؛ للإيهام، حتى يحكى أن أعرابيا سمع رجلا يقرأ" ورسوله " بالجر فقال الأعرابي: إن كان الله قد برئ من رسوله فأنا بريء منه، فلبّبه القارئ إلى عمر - رضي الله عنه - فحكى الأعرابي الواقعة، فحينئذ أمر عمر بتعليم العربية. وتحكى أيضا هذه القصة عن أمير المؤمنين علي وأبي الأسود الدؤلي - رضي الله عنهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>