للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا} ولم يعاونوا كقوله: {الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ} (١) أي: عاونوهم.

{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨)}

{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} يريد بها أشهر الحج، ولا يراد بها الأشهر التي يحرم القتال فيها؛ لأن هذه الأربعة متوالية، والأشهر الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد {وَخُذُوهُمْ} يعني:

استأسروهم، ويقال للأسير: أخيذ.

{وَإِنْ} استجارك {أَحَدٌ} ليسمع قراءة القرآن منك أو من الصحابة {فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ} (٦٩ /أ). فإن لم يسلم فلا تقتله حتى ترده إلى مكان يأمن فيه على نفسه.

{قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ} فلذلك أمهلوا حتى يسمعوا كلام الله، فيعلموا صدق الرسول {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ} أي: لا يصلح ولا ينبغي {إِلاَّ} في حق {الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} فما داموا مستقيمين لكم على الوفاء {فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} بمثله، ثم قرر أنه لا ينبغي أن يبقى العهد مع المنافقين، ومن شأنهم أنهم لو ظفروا بكم لم يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة. قيل: الإل: هو الله. ولما سمع أبو بكر ما زعم مسيلمة أنه قرآن أنزل عليه تبسّم، وقال: ما خرج هذا من إل (٢). وقيل: الإل: العهد.

الفسق هو الخروج؛ يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وكل الناقضين كفار فاسقون، وإنما قال: {وَأَكْثَرُهُمْ} لأنه أراد بالفسق الطغيان ومجاوزة الحد في الطغيان


(١) سورة الأحزاب، الآية (٢٦).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٤٣٨) ولم يرتض هذا الزجاج قال: "لأن أسماءه - تعالى - معروفة في الكتاب والسنة، ولم يسمع أحد يقول: يا إل افعل لي كذا". ينظر: معاني القرآن للزجاج (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>