للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{اِشْتَرَوْا} استبدلوا {بِآياتِ اللهِ ثَمَناً} فيه رد على من زعم أن الثمن ما دخلت عليه باء الثمنية، فإذا قلت: اشتريت عبدا بجارية، فالجارية الثمن، والعبد مثمن، وإن قلت:

اشتريت جارية بعبد، فبالعكس، وهاهنا دخلت الباء على المثمن (١).

{اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)}

{فَصَدُّوا} يجوز أن يكون لازما ومتعديا كما سبق. {فَإِخْوانُكُمْ} أي: فهم إخوانكم.

{لا أَيْمانَ لَهُمْ} أي: لا وفاء أيمان، كقول الشاعر [من الطويل]:


(١) قال الفراء في معاني القرآن (١/ ٣٠): "وكل ما في القرآن من هذا قد نصب فيه الثمن، وأدخلت الباء في المبيوع أو المشترى، فإن ذلك أكثر ما يأتي في الشيئين لا يكونان ثمنا معلوما من الدنانير والدراهم، فمن ذلك:" اشتريت ثوبا بكساء "أيهما شئت تجعله ثمنا لصاحبه؛ لأنه ليس من الأثمان، وما كان ليس من الأثمان مثل الرقيق والدور وجميع العروض فهو على هذا، فإن جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن كما قال في سورة يوسف: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ لأن الدراهم ثمن أبدا والباء إنما تدخل في الأثمان، فذلك قوله اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً اِشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ " اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة "فأدخل الباء في أي هذين شئت، حتى تصير إلى الدنانير والدراهم فإنك تدخل الباء فيهن مع للعروض".
وقال السمين الحلبي في الدر المصون (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧): "وضمّن الاشتراء معنى الاستبدال، فلذلك دخلت الباء على الآيات، وكان القياس دخولها على ما هو ثمن؛ لأن الثمن في البيع حقيقته: أن يشتري به، لا أن يشترى، لكن لما دخل الكلام معنى الاستبدال جاز ذلك؛ لأن معنى الاستبدال أن يكون المنصوب فيه حاصلا والمجرور بالباء زائلا. ونقل عن المهدوي قوله: دخول الباء على الآيات كدخولها على الثمن، وكذلك كل ما لا عين فيه. وإذا كان في الكلام دراهم أو دنانير دخلت الباء على الثمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>