للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن حلفت لا تنقض الدهر عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين (١)

أي: وفاء يمين. ومن قرأ (لا إيمان) بكسر الهمزة (٢) فهي شهادة عليهم بالكفر، وأنهم ليسوا من الإيمان في شيء. ثم حرّض المؤمنين على قتال الناقضين، فقال: {أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً} وما لكم لا تقاتلونهم؟ {أَتَخْشَوْنَهُمْ}؟ ثم بين فوائد قتالهم بقوله: {يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}.

هاهنا انتهت الوعود على قتال الناكثين، ثم أخبر الله خبرا مستأنفا: أنه يتوب على من يشاء، وليس ذلك متعلقا بالشرط، كما في الأفعال الخمسة السابقة المجزومة بجواب الأمر {وَاللهُ عَلِيمٌ} بمن أخلص في التوبة {حَكِيمٌ} قبل التوبة ليتهيأ الرجوع إلى الله في كل وقت.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ (٢٣)}


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأعراف، الآية (١٠٢).
(٢) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف ويعقوب "لا أيمان لهم"، وقرأ ابن عامر وحده من العشرة "لا إيمان لهم". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ١٥)، حجة ابن خالويه (ص: ١٧٤)، حجة أبي زرعة (ص: ٣١٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٤٥١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣١٢)، الكشاف للزمخشري (٢/ ١٧٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>