{أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ} في القيامة بالنجاة من العذاب وبرفع الدرجات. وقوله تعالى:
{فِي جَنّاتِ عَدْنٍ} أي: في جنات إقامة، فتكون الجنات نكرة لإضافتها إلى نكرة، ويجوز أن تكون عدن علما على جنة مخصوصة، فتكون جنات معرفة، ورضا الله أعظم من الجنة؛ لأن الجنة من ثمرات رضا الله، ولقوله بعد وصف الجنة:{وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ}.
{جاهِدِ الْكُفّارَ} بالسيف {وَالْمُنْفِقِينَ} بالحجة. يجوز أن تكون {كَلِمَةَ الْكُفْرِ} مفعولا، ويكون {قالُوا} بمعنى ذكروا وأظهروا، ويجوز أن تكون مصدرا. {وَما نَقَمُوا} وما عابوا {إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ} بالغنائم، وذلك مما لا يعاب، وهو كقوله:{وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}(٨)(١) وسأل ثعلبة بن قيس رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يدعو له بكثرة المال، فقال له:"قليل يكفيك خير من كثير لا تقدر على شكره"، فأعاد السؤال، فأعيد الجواب، فأعاد السؤال ثالثا، فدعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاتخذ غنما فنمت كما ينمى الدود، فانقطع بها في الأودية وأماكن المرعى، وانقطع عن الصلاة في الجماعة مع النبي صلّى الله عليه وسلم، فسأل عنه النبي صلّى الله عليه وسلم، فأخبر فلما توجه السعاة لأخذ الصدقات مروا به وطلبوا زكاة ما معه، فحسبه فاستكثره، وقال: اذهبوا إلى غيري، فإذا رجعتم فمروا عليّ، فلما عادوا ومروا عليه قال لهم: ما هذه إلا أخت الجزية، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم قبل أن يصل رسله إليه:"يا ويح ثعلبة" فجاء الرسل، فأخبروه بما قال، فقال: يا ويح ثعلبة، ثم إن ثعلبة خاف على نفسه، فأحضر ما طلب منه من الزكاة فلم يقبله النبي صلّى الله عليه وسلم، وأنزل الله (٧٣ /أ){وَمِنْهُمْ مَنْ}