للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عاهَدَ اللهَ} فوضع ثعلبة التراب على رأسه فلم يقبل منه النبي صلّى الله عليه وسلم شيئا، ثم جاء في خلافة أبى بكر بزكاته، فلم يقبلها، ثم جاء زمان عمر، فلم يقبلها، وتوفي في خلافة عمر (١).

ووجه امتناعهم من قبول زكاته من قوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} فدل على استمرار النفاق إلى الموت، والمنافق كافر لا تقبل له زكاة.

لما حث رسول الله صلّى الله عليه وسلم الناس على الإنفاق في سبيل الله - جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم، وجاء عثمان بألف دينار، وعمل أبو عقيل يومه في الجرير (٢) فحصل له صاع، فأوصل إلى عياله نصف صاع، وأحضر للصدقة نصف صاع، فقالوا: ما أراد عثمان وعبد الرحمن بن عوف إلا الرياء، وما أراد أبو عقيل بهذا القدر اليسير إلا أن يذكر ويعوض إذا جاءت الصدقات، فنزلت {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٣).


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ١٩٠)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٢٤٦) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والعسكري في الأمثال والطبراني وابن منده والباوردي وأبي نعيم في معرفة الصحابة وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. قال الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٢/ ٨٦): "قال البيهقي: وفي إسناده نظر، قال: وهو مشهور بين أهل التفسير قال: وكان النبي صلّى الله عليه وسلم عرف نفاقه قديما ثم زيادته حديثا وموته عليه بما أنزل الله عليه من الآية فلم يأخذها منه، انتهى كلامه. وأعله السهيلي في الروض الأنف وقال: قال البخاري: علي بن يزيد أبو عبد الملك منكر الحديث، قال السهيلي: وقد عده ابن إسحاق في المنافقين وذكر هذه الآية التي نزلت في ثعلبة بن حاطب لكنه ذكر في البدريين ثعلبة بن حاطب ولم ينسبه فلعله رجل آخر وافق اسمه وإن كان هو فذكره في البدريين وهم والمنافق هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس". انتهى كلامه.
(٢) يريد أنه كان يستقي الماء بالحبل، والجرير: حبل مفتول من أدم يكون في أعناق الإبل، والجمع: أجرة وجران وأجره.
ينظر: لسان العرب (جرر)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (١/ ٢٥٩).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ١٩٤)، وروى نحوه البخاري رقم (٤٣٩١)، ومسلم رقم (١٠١٨) عن أبي مسعود قال: "أمرنا بالصدقة قال كنا نحامل قال: فتصدق أبو عقيل بنصف صاع قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا وما فعل هذا الآخر إلا رياء فنزلت الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ ولم يلفظ بشر بالمطوعين".

<<  <  ج: ص:  >  >>