للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)}

ثم أمر الله المؤمنين بقتال الكفار كافة، وأن يبدأ منهم بالذين يلونهم؛ لأن ضررهم أقرب فقتالهم أهم. وقوله: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} إنما ينهى عن الفعل فاعله، فكيف يأمرنا أن يجد المنافقون فينا غلظة؟! وهو كقول سيبويه: لا أرينك هاهنا (١)، وكقوله تعالى: {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} (٢) {يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ} (٣).

{وَإِذا ما أُنْزِلَتْ} ما زائدة، ومن المنافقين من يقول: {أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً} لأنه لما نزلت الآية فآمنوا بها وبما فيها من الأحكام - تجدد لهم إيمان بما نزل. وقد اختلف الناس في أن الإيمان هل يزيد وينقص؟ والذي يظهر أن الإيمان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يزيد بزيادة الوحي، ووجوب التصديق بما يتجدد (٤). {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ}


(١) ينظر: الكتاب لسيبويه (٣/ ٤٩).
(٢) سورة لقمان، الآية (٣٣).
(٣) سورة الأعراف، الآية (٢٧).
(٤) قال صاحب شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٤٢): "والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة والآثار السلفية كثيرة جدّا: منها: قوله - تعالى: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً، وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ، الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وينظر في هذه المسألة في: الاعتقاد للبيهقي (١/ ١٧٤)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>