للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلقة، كالسمين والهزيل، أو صفة ثابتة، كالشريك والنبيل، فإذا نقلنا راحما إلى رحيم مبالغة فقد جعلنا وصفه بالرحمة كالخلقة. والأوصاف التي بهذه المثابة لا تعمل في المفاعيل، فنقل راحم إلى رحيم يعطي هذه المبالغة، فلو أعملناه لفاتت هذه المبالغة (١). {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} هو الجنة. يقال: ضاق الشيء فهو ضائق، وإذا بالغت قلت ضيق، ولما ذكر الله ضيق صدر الكافر قال: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} (٢) وقال في نبيه صلّى الله عليه وسلم:

{فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا} فأتى بلفظة {وَضائِقٌ} التي هي أخف وقرنها بلعل؛ ليكون الذي هو فيه من الضيق كالمشكوك فيه. {أَنْ يَقُولُوا} لأن تقولوا. {لَوْلا} بمعنى هلا. استدل على فصاحة القرآن وبلاغته وإعجازه بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} ثم عجزهم {بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (٣)، ثم عجزهم {بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (٤). قال فخر الدين ابن الخطيب (٥): ثم عجّزهم بقصة من جملة آية؛ كقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ} (٦) (٨٠ /ب).

{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)} {أَفَمَنْ}


(١) ينظر رأي سيبويه في إعمال "فعيل، وفعل" في الكتاب (٤/ ١٠٨) وتنظر المسألة والخلاف فقيها في: همع الهوامع للسيوطي (٥٩، ٣/ ٥٨).
(٢) سورة الأنعام، الآية (١٢٥).
(٣) سورة هود، الآية (١٣).
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٣).
(٥) ينظر قوله في تفسيره مفاتيح الغيب (١٧/ ٢٠٤، ١/ ١٣٨) وهو محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التيمي البكري أبو المعالي وأبو عبد الله المعروف بالفخر الرازي ويقال له ابن خطيب الري أحد الفقهاء الشافعية المشاهير كان فريد عصره ومتكلم زمانه رزق الحظوة في تصانيفه التي بلغت نحوا من مائتي مصنف منها تفسير كبير، سماه مفاتيح الغيب والمحصول والمنتخب وتأسيس التقديس وغيرها. توفي سنة ٦٠٦ هـ‍.
تنظر ترجمته في: البداية والنهاية لابن كثير (١٣/ ٥٥)، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (٣/ ٢١)، طبقات الشافعية للسبكي (٨/ ٨١).
(٦) سورة الطور، الآية (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>