للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَثَلُ الْجَنَّةِ} صفتها العجيبة الشأن {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} هو كقولك: صفة زيد يعطي المائة من الإبل ويكرم الضيف {أُكُلُها} ثمرتها لا مقطوعة بالأزمان، ولا ممنوعة بالأثمان. {وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ} كعبد الله بن سلام وأمثاله وقوله: {وَمِنَ الْأَحْزابِ} الذين كذبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أي: وكما أرسلنا الأنبياء قبلك أنزلنا إليهم الكتب والصحف، كذلك أنزلنا القرآن حكما عربيّا.

سمى أديانهم أهواء؛ لأنهم كانوا يعبدون صنما فإذا رأوا غيره أحسن منه عبدوه، وكانوا يقولون: إن النبي صلّى الله عليه وسلم كثير التزويج، وليس له همّ إلا في النساء، فأنزل الله - تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ} إلا وكانوا يقترحون عليه نزول آيات، فأنزل عليه {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ} (١) في اللوح المحفوظ.

{يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)}

{يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ} مما نسخ تلاوته {وَيُثْبِتُ} ما لم ينسخه. وقيل: يمحو السيئات بالحسنات {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} (٢) {وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} (٣) وقيل: يمحو الصغائر باجتنابها، ويمحو الكبائر بالتوبة، ولا حاجة إلى هذا؛ لقوله - تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} (٤) والأمر متعلق بالمشيئة وكذلك في هذه الآية {يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ} ولم يعلقه بتوبة ولا باجتناب كبيرة.

{أُمُّ الْكِتابِ} اللوح المحفوظ، كتب فيه كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، وهو أم الكتاب {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} فترى ما يسرّك من عقوبتهم {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٣/ ١٦٩) بنحوه، وذكره الماوردي في النكت والعيون (٢/ ٣٣٤)، والزمخشري في الكشاف (٢/ ٥٣٤) قريبا من ذلك.
(٢) سورة هود، الآية (١١٤).
(٣) سورة الرعد، الآية (٢٢).
(٤) سورة النساء، الآية (١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>