للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني بالنصف نصفا مجردا، بل المراد: انقسام الإيمان إلى هاتين الجملتين، فهو كقوله صلّى الله عليه وسلم:

"تعلموا الفرائض فإنها نصف العلم" (١).

{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧) وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠)}

{يَسُومُونَكُمْ} يكلفونكم {وَيُذَبِّحُونَ} بالواو يدل على أنه أمر زائد على سوء العذاب {وَفِي ذلِكُمْ} الإشارة فيها إلى الإنجاء إن كان المراد بالبلاء النعمة، وإن كان المراد به النقمة فهو إشارة إلى سوء العذاب والذبح {تَأَذَّنَ} أعلم {فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ} دال على الجزاء المحذوف، وليس بجزاء؛ فإن الله غني حميد سواء كفروا أو شكروا، والتقدير: إن كفرتم لم يعبأ الله بكم ولم تضرّوه شيئا، فإنه غني عنكم محمود في السماء والأرض غني عن حمدكم. قال مالك - رحمه الله: "من عدنان كذب النسّابون"؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ} يعني أن النبي صلّى الله عليه وسلم مضبوط إلى عدنان. {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} أي: ردوا أيدي الرسل إلى أفواه الرسل ليسكتوهم، أو ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم يشيرون بالسكوت، أو ردوا أيدي أنفسهم إلى أفواه أنفسهم، كحال من عليه الضحك، يستهزئون بما قالت الرسل، أو ردوا أيدي أنفسهم إلى أفواه الرسل، ولا يجيء الرابع، وهو ردوا أيدي الرسل إلى أفواه الكافرين وفيه قول آخر: أن المراد بالأيدي النعم، أي: فردوا نعم الله، ويبعده قوله: {فِي أَفْواهِهِمْ} أكدوا كفرهم ب‍ "إنّ " وقالوا: {إِنّا}


(١) رواه ابن ماجه رقم (٢٧١٩)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٣٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٢٠٩)، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف ابن ماجه رقم (٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>