للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الناس {وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ} بآية تقترحونها {إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ}.

وقوله: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} أبلغ من {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} لأنه أمر من دخل في حيز المؤمن أن يدوم على التوكل ويستمر عليه؛ كقوله: {فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ} (١) أقسموا ليكونن أحد أمرين؛ إما الرجوع إلى دين الكفار وإما الإخراج.

{ذلِكَ} الوعد بإهلاك الظالمين وإسكان المظلومين الأرض بعدهم {ذلِكَ} الوعد {لِمَنْ خافَ} مقامه بين يدي {وَاسْتَفْتَحُوا} واستنصروا {مِنْ وَرائِهِ} أي: أمامه؛ كقوله بعدها: {وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ} وكقوله: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ} (٢) أي:

أمامهم، وقول الشاعر [من الوافر]:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب (٣)

أي: بعده {فِي يَوْمٍ عاصِفٍ} ريحه. الضمير في {لا يَقْدِرُونَ} يعود على {الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} أي: بسبب إقامة الحق. {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} أطوع له منكم {وَبَرَزُوا} صاروا في أرض الموقف، وهو براز ليس فيها جبل ولا جدار ولا حائل، فقالت الأتباع لكبرائهم {تَبَعاً} جمع تابع، كخدم في جمع خادم، أو ذوي تبع إن كان مصدرا، والمحيص:

موضع الفرار والمهرب. ويروى أن إبليس ينصب له منبر من نار في جهنم فيقول ما قصه الله. {لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ} لما استقر أهل النار في النار {وَعْدَ الْحَقِّ} من إضافة الشيء إلى صفته {إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ} استثناء من غير الجنس؛ لأن دعاءه إياهم ليس بسلطان عليهم. قرئ {بِمُصْرِخِيَّ} بكسر الياء (٤) وهي لغة قليلة.


(١) سورة هود، الآية (١١٢).
(٢) سورة الكهف، الآية (٧٩).
(٣) البيت لهدبة بن الخشرم، ينظر في: أسرار العربية لابن الأنباري (ص: ١٢٨)، خزانة الأدب للبغدادي (٩/ ٣٢٨)، شرح أبيات سيبويه (١/ ١٤٢)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٤٦)، مغني اللبيب لابن هشام (١/ ٢٥٥) همع الهوامع للسيوطي (١/ ٤١٧).
(٤) قرأ "بمصرخيّ " حمزة من العشرة، وقرأ باقي العشرة "بمصرخيّ ". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٤١٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٠٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٣٧٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٢٦١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٦٢)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٧٤)، النشر لابن الجزري (٢٩٩، ٢/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>