للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه فيما جاء في الكتاب العزيز أبين؛ لأنه لم يأت حذف النون وإرادة لام مقدّرة إلا في ثلاثة مواضع، هذا وقوله في "سبحان": {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١) {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} (٢) و {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} فلا ينتظم معنى الشرط فيه، فجوابه: أن الأمر في هذه المواضع الثلاثة تعلق بقوم من أهل الخير والصلاح، فإن إضافة العباد إليه يدل على ذلك، وكذلك وصف المقول لهم بأنهم يؤمنون {لا بَيْعٌ فِيهِ} فنشتري ما يسر، ونجتنب ما يضر. ولا مخالة تنفع إلا مخالة المتقين، {الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (٣).

{اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ (٣٤) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)}

{رِزْقاً} يجوز أن يكون "رزقا" مصدرا، على أن يكون قوله: {مِنَ الثَّمَراتِ} سدّ مسدّ الخبر، كأنه قال: فأخرج به بعض الثمرات لكي يرزقكم، فيكون على هذا معمولا لقوله: {رِزْقاً}.

{وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ} جعل التسخير للفلك، وقال في أخرى:

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ} (٤) ثم قال: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ} (٥) والتسخير شامل لهما. {دائِبَيْنِ} مستمرين. قرئ {مِنْ كُلِّ} بالتنوين (٦) و {ما} على هذا نافية،


(١) سورة الإسراء، الآية (٥٣).
(٢) سورة النور، الآية (٣٠).
(٣) سورة الزخرف، الآية (٦٧).
(٤) سورة الجاثية، الآية (١٢).
(٥) سورة النحل، الآية (١٤).
(٦) قرأ بها ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٤٢٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٢٧٢)، فتح القدير للشوكاني (٣/ ١١٠)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٧٩)، المحتسب لابن جني (١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>