للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى المشهور هي موصولة. قيل: إن إبراهيم مرّ على مكة ولم تكن محل قرار لأحد، فدعا الله بأن تكون بلدا، وتكون محرّما، ثم مرّ بها وهي بلد فقال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} (١) فدعا لها بالأمن بعد أن صارت بلدا. وقيل: إنه دعا في الموضعين بعد كونها بلدا، ولهذا لمن رزق ولدا فلك أن تقول له: اللهم اجعله ولدا مباركا.

{أَضْلَلْنَ} نسب الإضلال إلى الصنم وهو لم يفعل شيئا من الإضلال، لكن كان وجوده سببا فيه. {فَإِنَّهُ مِنِّي} أي: محسوب من جماعتي، فهو كالجزء مني، وقال عليه السّلام: "من غشنا فليس منا" (٢) وقال الشاعر [من الوافر]:

فإنّي لست منك ولست مني (٣) ...

{وَمَنْ عَصانِي} مع كونه موافقا لي في الدين فاغفر له وكان ذلك قبل نهيه عن الاستغفار للكفار. {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} يؤيد قول النبي صلّى الله عليه وسلم: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة (٩٤ /ب) وإني حرمت المدينة بما حرم به إبراهيم مكة" (٤).

{رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣)}


(١) سورة البقرة، الآية (١٢٦).
(٢) رواه مسلم رقم (١٠١)، وابن ماجه رقم (٢٥٧٥) بهذا اللفظ، ورواه مسلم رقم (١٠٢)، وأبو داود رقم (٣٤٢٥)، والترمذي رقم (١٣١٥)، وابن ماجه رقم (٢٢٢٤) بلفظ:
"من غش فليس منا". واللفظان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) تقدم تخريجه في تفسير سورة آل عمران، الآية (٣٤).
(٤) رواه مسلم رقم (١٣٧٤) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>