للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{(٤٩) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢)}

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا} في حسن إقبالها وسرعة زوالها بجملة؛ وهي أن ماء نزل من السماء إلى آخره. {فَاخْتَلَطَ بِهِ} أي: اختلط التراب بالماء، واختلطت أنواع العشب النابتة من الأرض. {تَذْرُوهُ الرِّياحُ} تحمله وتفرقه في نواح شتى.

{وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ} سائر الأعمال الصالحة (١). وقيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (٢). وقيل: الصلوات الخمس (٣) (١٠٨ /ب).

{وَخَيْرٌ أَمَلاً} أي: مأمولا. {وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً} ليس عليها شجر ولا نبات يستر شيئا منها. {لا يُغادِرُ} لا يترك، ومنه سمّي الغدير؛ لأن السيل تركه لانخفاض مكانه. وقيل:

سمي به لأن المسافرين يمرّون عليه وهو ملآن، ثم إذا تهيأ عودهم يظنون أن ذلك الماء باق، فيجدون الرياح قد أذهبته، فكأنه غدرهم. فعيل بمعنى فاعل وعلى الأول بمعنى مفعول.

{وَوَجَدُوا} جزاء {ما عَمِلُوا حاضِراً} ووجدوه مسطورا في صحائف الأعمال. {اُسْجُدُوا لِآدَمَ} قيل: اجعلوه قبلتكم. وقيل: اجعلوه إماما تسجدون لسجوده. والصحيح اسجدوا له تعظيما، وتختلف الشرائع في ذلك. ومنه: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} (٤).

{كانَ} من خدم الجنة، وبه سمي الجن. وقيل: سمي به لاستتاره عن الأعين، ولا يتعدى ذلك إلى الملائكة، فهو مشتق لا يعم كالقارورة والملك والخابية (٥) {فَفَسَقَ} فخرج والفاء لردّ السببية الباطلة، كأنه قال: أفمع فعله مع أبيكم هذا تتخذونه وليّا من دون الله.


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٦) عن ابن زيد.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٤ - ٢٥٥) عن عثمان رضي الله عنه وغيره.
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٤) عن ابن عباس - رضي الله عنهما وغيره.
(٤) سورة يوسف، الآية (١٠٠).
(٥) الخابية: هي الخب أصلها الهمزة من خبأت إلا أن العرب تركت همزة قال أبو منصور: تركت العرب الهمز في أخبيت وخبيت وفي الخابية لأنها كثرت في كلامهم فاستثقلوا الهمز فيها.
ينظر: لسان العرب (خبأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>