للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَذُرِّيَّتَهُ} احتج بها قوم على أن إبليس تزوج وولد له.

{ما} أحضرتهم {خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} ولا استعنت بهم في خلقهما، ومثله {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} الآية (١) واذكر يوم يقول الله: {نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ} زعمتموهم شركاء {وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً} أي مهلكا، وهو سرادق جهنم. وقيل: البين بمعنى الوصل ومنه: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (٢) بالضم، المعنى هنا: وجعلنا تواصلهم في الدنيا سببا لهلاكهم في الآخرة.

{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)}

{فَظَنُّوا} فأيقنوا. وقيل: هو ظن على بابه، والمواقعة مفاعلة من واحد مأخوذ من الوقوع، فهم يقعون فيها وهي لا تقع فيهم. {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} من كل حكم أو قصة أو موعظة هي في غرابتها كالمثل.

{أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} بالباطل، وفي البخاري: «أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم طرق عليّا وفاطمة بعد أن أخذا مضاجعهما فأرادا أن يقوما فقال: على مكانكما. فجلس بينهما. قال عليّ: حتّى وجدت برد قدميه على صدري، ثمّ قال: يا عليّ وفاطمة، ألا تقومان الليل؟ فقالا: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله، إن شاء أن يقيمنا أقامنا، وإن شاء أن ينيمنا أنامنا، فلم يرجع النبي صلّى الله عليه وسلم إليهم جوابا. قال عليّ: (١٠٩ /أ) فسمعته وهو مولّ يضرب فخذه ويقول: {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}» (٣).


(١) سورة الأحقاف، الآية (٤).
(٢) سورة الأنعام، الآية (٩٤) وتقدم تخريج القراءة هناك.
(٣) رواه البخاري رقم (٤٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>