فسأل القوم ذا القرنين أن يسدّ ما بين الجبلين الذي ليس لهم طريقا غيره، وعرضوا عليه أن يبذلوا له مالا، فقال:{ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} طلب منهم الآلة وهي الحديد حتى جمعوا له ما سد بين الجبلين حديدا، ثم دعا بالنحاس، فأوقد عليه النار حتى ذاب، ثم أفرغه على ذلك الحديد المرصوص، فدخل وهو حار في الخلل الذي بين الحديد، فصار كأنه قطعة واحدة. {فَمَا اسْطاعُوا} أن يعلوه ولا أن ينقبوه. {قالَ هذا} السد {رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي} بمجيء الآخرة {جَعَلَهُ دَكًّا} أي: مدكوكا ومن قرأ {دَكّاءَ}(١) بالمد والهمز أي:
لا رأس له، يقال: ناقة دكاء أي: لا سنام لها.
قوله:{وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} قيل: الضمير يعود إلى يأجوج ومأجوج وقيل: هو كلام مستأنف يريد به الكفار والظلمة، وشبه اختلاطهم وتظالمهم بتموج البحر فقال:{يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} والصور: قرن ينفخ فيه إسرافيل، وفي ذلك القرن لوى بعدد أرواح بني آدم، فيصل إلى كل جسد روحه بتلك النفخة. وقيل: الأرض بمنزلة الصور ينفخ فيها إسرافيل.