للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الصّور جمع صورة (١) أي: ينفخ في الصّور وهو كقولك: بوص وبوصة، وتوتة وتوت، وثوم وثومة. {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ} يراها المؤمنون والكفار. لما لم يعتبروا بآيات الله التي شاهدوها في الآفاق وفي أنفسهم كمن غطيت عيناه فلم تستطع الأبصار فقال: {كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} وجعلهم في أمر السمع كالصم. {وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي} أي: ويسلمون من العقوبة جعل جهنم كالنزل المهيّأ للضيف وهو تهكم بهم، و {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً} هم الرهبان، ومن كان على خطأ يحسب أنه على هدى.

{أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨) قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠)}

وقوله: {فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ}؛ كقوله: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} (٢) وقوله: {مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ} الآية (٣).

وقوله: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً} قال عبيد بن عمير (٤): "يؤتى بالرجل البدين السمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة" (٥). {وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً} (١١١ /أ) يهزءون بهم.


(١) قرأ بها الحسن وابن عامر. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٢٧٨)، الجامع للقرطبي (١١/ ٢٤٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٤)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٥٣)، المحتسب لابن جني (٢/ ٥٩)، المحرر الوجيز لابن عطية (١١/ ١٠٥).
(٢) سورة الفرقان، الآية (٢٣).
(٣) سورة آل عمران، الآية (١١٧).
(٤) هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي المكي الواعظ المفسر ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحدث عن أبيه وعن عمر بن الخطاب وعلي وأبي ذر وعائشة وأبي موسى الأشعري وابن عباس وطائفة وكان من ثقات التابعين وأئمتهم بمكة، وكان يذكر الناس فيحضر ابن عمر - رضي الله عنهما - مجلسه، توفي قبل ابن عمر بأيام يسيرة وقيل: توفي في سنة أربع وسبعين. تنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٥٦).
(٥) ورد ذلك مرفوعا رواه البخاري في صحيحه رقم (٤٤٥٢)، ومسلم رقم (٢٧٨٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرؤوا إن شئتم فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>