للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١)}

قرئ «وَأَنَّ اللهَ» بالفتح (١)؛ كقوله: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} (٢) تقديره: ولأن ذلك كذلك فاعبدوه. {الْأَحْزابُ} أمة عيسى تنقسم إلى ملكائية ويعقوبية ونسطورية، فقوله: {مِنْ بَيْنِهِمْ} أي: تحزبوا كذلك. {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} وضع للظاهر موضع المضمر، والقياس:

فويل لهم {مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} والمشهد مصدر، أي: من مشهود، ويجوز أن يكون مكانا وزمانا. {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} تعجّب وهو مستحيل على الله - تعالى - والمراد أنهم حلوا محل من يتعجب منه؛ كقوله - تعالى: {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ} (٣) وحلوا محل من يتحسّر عليه.

{الظّالِمُونَ} وضع للظاهر موضع المضمر (١١٤ /أ).

{مُبِينٍ} أي: بين أو مبين. {يَوْمَ الْحَسْرَةِ} قيل: هو وقت ذبح الموت. وقيل: وقت تصادر الفريقين إلى الجنة أو النار.

وقوله: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} حال من الضمير في {وَأَنْذِرْهُمْ} أي: غافلين عن إنذارك. {نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها} وهي كانت ملكا له من قبل، وإنما شبه انتقال الملك إليه عن موتى بانتقال أموال الموتى إلى ورثتهم، والله - تعالى - لم يزل مالكا لما خلقه المورثون. قوله: {صِدِّيقاً} اختلف فيه؛ فقيل: من صدق؛ لإكثاره من الصدق وهو القياس، تقول: رجل خّمير وشريب. وقيل: من التصديق، فإنه صدّق بأنبياء الله وكتبه وبما جاء به النبيون.

{إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥)}


(١) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو، وأبو جعفر ورويس "وأنّ الله"، وقرأ باقي العشرة "وإنّ الله".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ١٨٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٣٨)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٤٤٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٥٠٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤١٠)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٥٠٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣١٨).
(٢) سورة الجن، الآية (١٨).
(٣) سورة يس، الآية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>