للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١) اِذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤) قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥) قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦) فَأْتِياهُ فَقُولا إِنّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى (٤٨)}

{اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} من جعل همزة {اُشْدُدْ} همزة وصل جعل {وَأَشْرِكْهُ} أمرا بمعنى الدعاء والطلب، وأشركه بفتح الهمزة. وقرئ "أخي أشدد" وجعل ألف "أشدد " ألف قطع وجزمه بجواب الأمر، أو رفعه على الاستئناف (١). {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً} جعل العلة في طلب نبوة أخيه أن يشتركا في التسبيح والتقديس. {قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى} وقوله: {قَدْ أُوتِيتَ} ليس خبرا عن ماض، وإنما هو إنشاء للإعطاء؛ كقولك: بعتك بكذا؛ فهذا اللفظ هو الذي حصل به البيع، ثم إن الله تعالى شرع في إبداء مننه على موسى فذكر حالة الرضاع وحالة وضعه في التابوت وإلقاء اليم التابوت إلى الساحل، وأخذ فرعون له، وتربيته في يده عدوه الذي كان يقتل الناس من أجله، وإلقاء محبة الله لموسى في قلب كل من رآه، وسلامته من قبل القبطي، ثم أعاد الأمر بالرسالة بقوله: {اِذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي}.

وهاهنا نكتة لطيفة؛ وهو أن موسى سأل من الله وزارة أخيه له، وعلل ذلك بقوله: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً} ثم إن الله - تعالى - ولاه وأعطاه ما سأله، ثم قال: {اِذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي} ولا تفترا فيه كما شرطتما على أنفسكما. وقوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} مع علم الله - تعالى - بأن فرعون لا يتذكر ولا يخشى، ولا يتأتى منه ذلك، والمعنى:

كونا على رجاء تذكرة وخشية؛ فإن من ذهب في أمر وهو يعلم أنه لا يقضى لا يجتهد فيه، وإن


(١) قرأ ابن عامر "أشدد" و "أشركه" بهمزة القطع والمضارعة في الفعلين، وقرأ الباقون "اشدد" و " أشركه" بهمزة وصل الأول وفتح همزة القطع في الثاني على الطلب والدعاء. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٢٤٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ١٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤١٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٦١ - ٦٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>