للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان يعلم أنه يقضى اجتهد ووسع الحيل فيه {قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا} منه ضرر {أَوْ أَنْ يَطْغى} فيذكر في حقك ما لا يليق بجلالك. {إِنّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا}.

قال ابن عطية - رحمه الله: "بعث موسى إلى فرعون في أمرين خاصة:

أحدهما: التوحيد. والثاني: تسليم بني إسرائيل إلى موسى وتخليصهم مما كان يكلفهم إياه من الأعمال الشاقة" (١).

{وَلا تُعَذِّبْهُمْ} والدليل على صحة رسالتنا أنا {قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ} (١٢٠ /أ) والمعجزات دالة على صدق النبي. {إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا} استدلت المرجئة (٢) بهذه الآية، وقالوا: لا يعذب الله من قال: لا إله إلا الله أبدا، واحتجوا بقوله: {إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى} فمن لم يكذب الرسل ولم يحصل منه التولي فلا يعذب.

{قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥)}


(١) ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية (١١/ ٧٨).
(٢) المرجئة - بضم الميم وكسر الجيم بعدها ياء مهموزة ويجوز تشديدها بلا همز -: نسبوا إلى الإرجاء وهو التأخير؛ لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان فقالوا: الإيمان هو التصديق بالقلب فقط ولم يشترط جمهورهم النطق وجعلوا للعصاة اسم الإيمان على الكمال وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب أصلا ومقالاتهم مشهورة في كتب الأصول.
وهم ثلاثة أصناف: صنف منهم قالوا بالإرجاء في الإيمان وبالقدر على مذاهب القدرية فهم معدودون في القدرية والمرجئة كأبي شمر المرجئ ومحمد بن شبيب البصري والخالدي، وصنف منهم قالوا بالإرجاء في الإيمان ومالوا إلى قول جهم في الأعمال والأكساب فهم من جملة الجهمية والمرجئة، وصنف منهم خالصة في الإرجاء من غير قدر وهم خمس فرق: يونسية وغسانية وثوبانية وتومنية ومريسية. وقال الشهرستاني: والمرجئة أربعة أصناف: مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة، ومحمد بن شبيب والصالحي والخالدي من مرجئة القدرية وكذلك الغيلانية أصحاب غيلان الدمشقي أول من أحدث القول بالقدر والإرجاء.
ينظر عنهم بتفصيل في: الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي (١/ ١٩)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٣٨) ط. دار المعرفة - بيروت - ١٤٠٤ هـ‍ - تحقيق: محمد سيد كيلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>