للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{(٦٤) قالُوا يا مُوسى إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)}

{وَلَقَدْ} أرينا فرعون {آياتِنا} التي جاء بها موسى {كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى} وهذا يدل على أن فرعون كان يرعد خوفا من موسى. فهل رأيتم ساحرا غلب على إقليم فملكه بسحره واستولى على ذلك الإقليم. {الْمُثْلى} الحسنى. {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} فإنه أهيب للعدو أن يأتي صفا. {قالَ بَلْ أَلْقُوا} خيروه في أنه هل يبدأ هو بإلقاء عصاه أو يبدأوا هم؟ وهذا عادة المدل بصنعته. {فَإِذا حِبالُهُمْ} أي: فاجأت حبال السحرة أنها تخيل إلى موسى أنها تسعى، وكانوا قد (١٢٠ /ب) حشوا أجواف تلك الحيات المصنوعات بالزئبق، ومن شأن الزئبق أنه إذا حمي فاضطربت تلك الحيات لانسداد الأعلى فبقيت تضطرب.

{فَأَوْجَسَ} فأحس {فِي نَفْسِهِ خِيفَةً} {قُلْنا لا تَخَفْ} يعني: لا يلحقك من ذلك ضرر.

{إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى} الغالب القاهر لهم. {وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ} هذا تصغير لأمر العصا، وقد سبق قوله - تعالى - له: {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ} وقال له هاهنا: {وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ} {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} كأن ملقيا ألقاهم من شدة اشتغالهم بالسجود. {قالُوا آمَنّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى} فجرى فرعون على عادة الملك، واستنكف أن يظهر أنه مغلوب فشرع في تهديد السحرة؛ فقال: {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ}.

وقوله: {مِنْ خِلافٍ} يعني به اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو بالعكس، وقطع اليد والرجل من خلاف هو من وجه أشد من قطعهما من جهة؛ لأن ذلك الجنب يتعطل، وهو من وجه آخر أخف؛ لأنه بقي في كل جانب شيء من الانتفاع، فسلك فرعون أحد الطريقين، وهو قطعهما من خلاف.

العذاب متى اجتمع فيه كونه أشد وكونه أطول مدة كان أعظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>