للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنّا آمَنّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكّى (٧٦) وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢) وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤)}

{قالُوا} السحرة لفرعون: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ} فنترك ما رأينا من الآيات. قيل: إنهم رأوا الجنة والنار في سجدتهم تلك (١). {وَالَّذِي فَطَرَنا} يجوز أن يكون قسما، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله: {عَلى ما جاءَنا} {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} أي: افعل فينا ما تشاء؛ فإن لنا رجوعا إلى الله يقتض لنا ممن ظلمنا؛ إن مدة تسلطك علينا {هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا} {وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} روي أن فرعون كان يكره طائفة من الناس على تعلم السحر.

{إِنَّهُ} الهاء ضمير الشأن {مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} يوم القيامة، ولم يتب فله جهنم {لا يَمُوتُ فِيها} فيستريح {وَلا يَحْيى} حياة تنفعه. وقد قالوا: إن الكافر في الآخرة يجد ألم النزع من جميع أعضائه ولا يموت قال الله - تعالى - فيه: {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ} (٢) {تَجْرِي} من تحت أشجارها {الْأَنْهارُ} أو من تحت غرفها؛ لقوله: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} (٣) {طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} (١٢١ /أ) من مقتضى الدليل أنه إذا انفلق البحر اثني عشر فرقا يكون في قعر كل فرق زلق ووحل، لكن الله - تعالى - جعل موضع الماء صلبا يابسا لا زلق فيه؛ تيسيرا على


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٨٧) ونسبه لابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي بزة.
(٢) سورة إبراهيم، الآية (١٧).
(٣) سورة الزمر، الآية (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>