للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد اختلف فيمن أمر بالسجود لآدم؛ فقال الأكثرون: إن المأمور جميع الملائكة، لم يخرج أحد منهم من الأمر. وقيل: خرج منهم الملائكة المقربون؛ لقوله تعالى: {قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ} (١).

{فَتَشْقى} إن قال قائل: لم لا قال: فتشقيا عن آدم (١٢٤ /أ) وحواء؟

والجواب من وجهين: أحدهما: أن الذي يشقى بالنزول من الجنة هو الرجل دون المرأة فقد روي أن آدم عليه السّلام أنزل له ثور من الجنة فحرث عليه حتى عرق جبينه فثبت السعي والتعب إلى آدم خاصة. وقوله: {فَلا يُخْرِجَنَّكُما} كقوله: لا أرينك هاهنا، والوجه الثاني:

أنه ما قال: فتشقيا لأجل تأخير رؤوس الآي وهو بعيد؛ لأن القرآن ليس محل ضرورة.

{إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى} القياس أن يقابل كل شيء لشكله، فيقال: إنك لا تجوع ولا تظمى، ولا تعرى ولا تضحى. الضحاء: ممدود [وهو] (٢) حرّ الشمس والضحى: مقصور جمع ضحوة. والوسوسة: الصوت الخفي.

{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨)}

{عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} قال له إبليس أو أحد ذريته: الشجرة التي نهيت عن أكلها هي شجرة من أكلها خلد في الجنة، فلو أكلت منها لتبقى خالدا لكان خيرا لك، وكذلك إذا أكلت منها فإنه يحصل لك ملك لا يبيد {فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما} تساقط اللباس الذي كان عليهما، وشرعا يأخذان من أوراق الأشجار. {فَغَوى} الغيّ: ضد الرشاد


(١) سورة ص، الآية (٧٥).
(٢) ليست بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>