للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{ثُمَّ اجْتَباهُ} اصطفاه واختاره فهداه إلى التوبة والرجوع إلى الله. {قالَ اهْبِطا مِنْها} وفي موضع آخر {اِهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً} (١) المأمور بالهبوط آدم وحواء، وفي الآية الأخرى آدم وحواء وإبليس. {فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً} (ما) زائدة {يَأْتِيَنَّكُمْ} شرط {فَمَنِ اتَّبَعَ} شرط ثان. {فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى} جواب للشرط الثاني، والشرط الثاني وجوابه جواب للشرط الأول. {ضَنْكاً} أي: ضيقة حرجة. {آياتُنا} القرآن {فَنَسِيتَها} فتركت العمل بها، وقد استدل بذلك على إثم من نسي القرآن بعد حفظه، ولا حجة فيه؛ فإن أصل حفظ القرآن ليس بواجب (٢).

{وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى} تترك في العذاب؛ كقوله: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (٣) وقوله:

{فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنّا نَسِيناكُمْ} (٤) ومتى كان العذاب شديدا ولكنه قصير المدة فقد يتجلد المعذب وينتظر انقضاء الأمل القريب، أما إذا كان العذاب دون ذلك ولكن أمده متطاول أو أشدّ (١٢٤ /ب) من الأول، فعذاب الآخرة في نفسه أشدّ وهو أدوم. {أَفَلَمْ يَهْدِ} أفلم يتبين، والفاعل {كَمْ أَهْلَكْنا} {يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ} فيرون آثار المهلكين المكذبين فيعتبروا ويرجعوا {النُّهى} جمع نهية وهي العقل؛ لأنه ينتهي عن الفواحش، كما سمي عقلا فإن عقال البعير يمنعه من الذهاب كيف مشى، وسمي حجزا لأنه يحجز عن المعاصي، أي: يمنعها.

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩)} {فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ}


(١) سورة البقرة، الآية (٣٨).
(٢) يستحب حفظ القرآن إجماعا وحفظه فرض كفاية إجماعا وهو أفضل من سائر الذكر وأفضل من التوراة والإنجيل وبعضه أفضل من بعض ويجب منه ما يجب في الصلاة ويبدأ الصبي وليه به قبل العلم فيقرأه كله إلا أن يعسر والمكلف يقدم العلم بعد القراءة الواجبة كما يقدم الكبير نفل العلم على نفل القراءة في ظاهر كلام الإمام والأصحاب ويسن ختمه في كل أسبوع وإن قرأه في ثلاث فحسن ولا بأس به فيما دونها أحيانا وفي الأوقات الفاضلة كرمضان خصوصا الليالي اللاتي تطلب فيها ليلة القدر والأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من قراءة القرآن اغتناما للزمان والمكان ويكره تأخير الختم فوق أربعين بلا عذر ويحرم إن خاف نسيانه - قال أحمد: ما أشد ما جاء فيمن حفظه ثم نسيه. ينظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (١/ ٢٦٤)، الإقناع للبهوتي (١/ ١٤٨).
(٣) سورة التوبة، الآية (٦٧).
(٤) سورة السجدة، الآية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>