للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {مِنْ لَدُنّا} أي: من عندنا. قال ابن جريج (١): أي: لاتخذنا ولدا ونساء من أهل السماء لا من الأرض (٢). قوله: {إِنْ كُنّا فاعِلِينَ} أي: لاتخذناه من السماء بحيث يخفى علمه عليكم. قوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ} الحق هو المشروع، والباطل هو المدفوع. وقيل: الحق: القرآن، والباطل: إبليس.

وقيل: الحق المواعظ، والباطل: المعاصي، جعل الباطل كصورة صنم سقط عليه حجر ثقيل فوصل إلى دماغه فهلك (١٢٦ /أ) والشجة إذا وصلت إلى أم الدماغ وخرقتها تسمى دامغة، جعل ذلك مثلا لهلاك الباطل وأمن لمآثر الإسلام، والباطل الشرك. {زاهِقٌ} أي:

هالك.

قوله: {وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} لا يتعبون ولا يعيون، يقال: حسر البعير: إذا أعيا، ومنه قوله: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ} (٣) قوله: {يُنْشِرُونَ} أي: يحيون الموتى، ومنه قوله - تعالى: {ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ} (٤) وقوله: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها} (٥) ومعناه: أن الإله يجب أن يكون قادرا على إحياء الموتى.

{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣)} {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ}


(١) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام العلامة الحافظ شيخ الحرم أبو خالد وأبو الوليد القرشي الأموي المكي صاحب التصانيف وأول من دون العلم بمكة، كان ثقة حافظا لكنه كان يدلس بلفظة "عن" وقد كان صاحب تعبد وتهجد وما زال يطلب العلم حتى كبر وشاخ، ومات سنة خمسين ومائة. تنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي (٦/ ٣٢٥).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٠).
(٣) سورة الملك، الآية (٤).
(٤) سورة عبس، الآية (٢٢).
(٥) سورة البقرة، الآية (٢٥٩) وهذه قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو "ننشرها" بالراء، وقرأ الباقون "ننشزها" بالزاي. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٢/ ٢٩٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٦٢٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ١٨٩)، الكشاف للزمخشري (١/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>