للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقها. قوله - تعالى: {وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ} قيل: هو اللواط.

وقيل: كانوا يتضارطون في مجالسهم، ويفعلون الفاحشة التي هي اللواط بحضرة بعضهم لا يتحاشون من إظهارها (١). {وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل إبراهيم قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً} (٢).

{الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} والخسف بمدائنهم ورميهم بالحجارة، ويحتمل: ونجّاه من أذى قومه بإغراقهم، ويحتمل أن نجّاه من رؤية المعاصي في الأرض. قوله - تعالى: {وَنَصَرْناهُ} خلصناه، وإذا جاء معها "من" فهي للتخليص، وإن جاء معها "على" فهي للظهور والاستعلاء. {فِي الْحَرْثِ} كان زرعا وقعت فيه الغنم ليلا. وقيل: كان كرما ظهرت عناقيده. {نَفَشَتْ فِيهِ} رعته (١٢٨ /أ) والنفش: الرعي ليلا، والهمل: رعي النهار (٣).

قوله - تعالى: {وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ} فيه قولان:

أحدهما، وهو قول الأكثرين: أن حكم داود وسليمان كان حكما واحدا صوابا اختلف فيه الفهم، فأصاب سليمان، وخفي الصواب عن داود، والأنبياء لا يعصمون من الخطأ ولكن لا يقرون عليه. والثاني: أنه كان حكما اتفقا عليه؛ لأن الله - تعالى - أثنى عليهما.

{فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنّا فاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢) وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ (٨٣)}

وقوله: {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} ففضله على داود؛ لأن سليمان أوتي الحكم صغيرا، وداود أوتيه كبيرا، وكان داود قد قضى بالغنم لصاحب الزرع، استدراكا لما أفسدته غنمه، وأما سليمان فرأى أن يكلف صاحب الغنم أن يزرع زرعا، فإذا أدرك الزرع وصار بمنزلته يوم رعي أعيدت الغنم لصاحبها، واستقر الزرع بيد الآخر. وهذه الأحكام كانت في


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ١٤٥) عن عائشة - رضي الله عنها.
(٢) سورة نوح، الآية (٢٦).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ٥٣) عن قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>