للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب، ولا يزيل غضبه فيما غضب لأجله. قوله - عز وجل: {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ} أي: فيدخله النار {فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} ينجيه ويدخله الجنة. وقيل: يكرم من يشاء يجعله في ديوان أهل السعادة {فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} ينقله إلى ديوان السعادة. {إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ} أي: من ثواب وعقاب.

وقيل: يهين من يشاء بالانتقام ويكرم من يشاء بالإنعام.

الخصمان هاهنا فريقان، نزلت في المشركين والمسلمين حين اقتتلوا ببدر. وقيل: نزلت في الذين بارزوا يوم بدر، وهم ثلاثة من المسلمين قاتلوا يوم بدر، برز إليهم عليّ وحمزة وعبيدة بن الحارث، وبارزهم عتبة وشيبة والوليد ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقتل علي وحمزة خصمهما، واختلف ابن الحارث وغريمه ضربتين فقطع عبيدة يد خصمه وكرّ عليّ وحمزة على الخصم الباقي فقتلاه بعد أن انقطعت رجله فتفاخر أقرباؤهم، فنزلت الآية (١).

وهذا القول يدل على أن هذه الآية مدنية، والمشهور أن السورة مكية. وقيل: نزلت في المسلمين وأهل الكتاب (١٣١ /ب) قال أهل الكتاب: كتابنا ونبينا أسبق، فقال المسلمون:

نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على كتابكم فنزلت (٢). وقيل: نزلت في الكفار غير أهل الكتاب لاختلافهم في البعث والجزاء (٣).

وقيل: اختصمت الجنة والنار، فقالت النار: خلقت لعقوبة من كفر بالله ورسوله، وقالت الجنة: خلقت لثواب أهل البر وأولياء الله (٤). {ثِيابٌ مِنْ نارٍ} أحاطت بهم كإحاطة الثوب بلابسه. {الْحَمِيمُ} الماء الحار، قال الشاعر [من المتقارب]:

كأنّ الحميم على متنها ... إذا اغترفته بأطساسها

جمان يجول على فضّة ... جلته حدائد دوّاسها (٥)

والتعذيب بالماء الحار غير التعذيب بالنار؛ لأن الماء الحار ينضج لحومهم والنار تحرقها.


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣١).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٢).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٢).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٣).
(٥) تقدم في سورة يونس، الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>