للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)}

{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا} أي: بتكذيب القرآن وعنادهم في الدين. قوله - عزّ وجل:

{مُعاجِزِينَ} أي: مثبطين لمن أراد اتباع النبي صلّى الله عليه وسلم ومن قرأ {مُعاجِزِينَ} (١) أي: مشاقين.

وقيل: مسارعين. وقيل: معاندين.

قوله - عزّ وجل: {إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أي: إذا حدّث نفسه بشيء ألقى الشيطان في أمانيه. وقيل: {إِذا تَمَنّى} أي: قرأ ألقى الشيطان في قراءته، قال الشاعر [من الطويل]:

تمنّى كتاب الله أول ليلة ... وآخرها لاقى حمام المقادر (٢)

وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما نزل عليه سورة {وَالنَّجْمِ} قرأها النبي صلّى الله عليه وسلم في المسجد، فلما انتهى إلى قوله: {وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى} (٣) ألقى الشيطان على لسانه «تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى» حتى ختم وسجد، وسجد معه المسلمون والمشركون، ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى وجهه فسجد عليه، وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود، ورضي بذلك كفار قريش، فأنكر جبريل عليه السّلام على النبي صلّى الله عليه وسلم ما قرأه من الزيادة، وشقّ ذلك عليه، فأنزل الله - تعالى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ} (٤) أي: يرفعه {ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ} أي: يثبتها، وما


(١) قرأ جمهور القراء «معاجزين»، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «معجزين».
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٣٧٩)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٥٤)، حجة أبي زرعة (ص: ٤٨٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ١٥٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٣٩)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٢٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٢٧).
(٢) البيت لكعب بن مالك يرثي عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - ينظر في: تاج العروس للزبيدي (مني)، تفسير القرطبي (٢/ ٨)، الفائق للزمخشري (٣/ ٣٩٢)، العين للخليل (٨/ ٣٩٠)، فتح القدير للشوكاني (١/ ١٦٣)، الكشاف للزمخشري (١/ ١٥٧)، لسان العرب (مني).
(٣) سورة النجم، الآية (٢٠).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٨٧)، والواحدي في أسباب النزول (٣١٩ رقم ٦٢٣)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٦٧)، ونسبه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية وغيره. -

<<  <  ج: ص:  >  >>