للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عتبة بن ربيعة كان قد تنصّر في الجاهلية ولبس المسوح، وطلب الدين الحق، فلما جاء النبي صلّى الله عليه وسلم كفر به (١).

{أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣)}

اللجي: العميق الكثير الماء، وفي {أَخْرَجَ} ضمير الواقع فيه دل عليه السياق، كقوله:

{حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} (٢) يعني الشمس، ولم تذكر قبل {لَمْ يَكَدْ يَراها} أي: لم يرها ولا قرب من رؤيتها، شبه أعمالهم أولا في فوات نفعها وحصول ضررها بسراب لم يجده من خدعه من بعيد شيئا، ثم وجد الزبانية عنده، فألقوه في النار، وشبهها ثانيا في ظلمتها وسوادها لكونها باطلة، وفي خلوّها عن نور الحق - بظلمات متراكمة من لجج البحر والأمواج والسحاب. وقرئ {سَحابٌ} بالرفع والتنوين و {ظُلُماتٌ} بالجر والتنوين (٣) بدل من قوله {أَوْ كَظُلُماتٍ}.

قوله - عز وجل: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ} (١٤٣ /أ) أي: قد علم الله صلاة ذلك الطائر وتسبيحه.

وقيل: كلّ طير قد علم ما وظف عليه من التسبيح والصلاة فقام به ولم يؤخره، والله - تعالى - ألهم هذه الحيوانات تعظيمه كما ألهمها مصالحها.

{يُزْجِي} يسوق {رُكاماً} بعضه فوق بعض و {الْوَدْقَ} المطر، و {يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ}


(١) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ١٣٤) وفيه «شيبة» بدل عتبة.
(٢) سورة ص، الآية (٣٢).
(٣) قرأ قنبل «سحاب ظلمات»، وقرأ البزي «سحاب ظلمات»، وقرأ جمهور العشرة «سحاب ظلمات».
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٦٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٦٣)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٠٢) الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٢٣)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٥٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٧٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>