للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنفسهم معجزين.

أمر بأن يستأذن العبيد. وقيل: العبيد والإماء والصغار ثلاث مرّات في اليوم والليلة؛ لأنها أوقات نوم، وربما دخل في شيء من هذه الأوقات فتبينت له بعض عورة النائم، فأمروا بالتحفظ، وسمّي كلّ وقت من هذه الأوقات عورة لخللها، والعورة الخلل، ثم بين العذر في جواز الدخول للمذكورين فيما سوى هذه الثلاثة بقوله: {طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ} يعني: أن بكم وبهم حاجة إلى الدخول؛ لأنهم طوافون عليكم.

روي أن مدلج بن عمرو كان غلاما أنصاريّا أرسله رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وقت الظهيرة إلى عمر رضي الله عنه، فدخل عليه وهو نائم، وقد انكشف عنه ثوبه فقال عمر رضي الله عنه: لوددت أن الله - عز وجل - نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا عند الدخول علينا هذه الساعة إلا بإذن، ثم انطلق معه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية (١)، وهي إحدى الآيات الثلاثة المنزلة بسبب عمر (٢).

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩)}

{الْحُلُمَ} بسكون اللام (٣) وقرئ (ثلاث عورات) بالنصب بدلا عن {ثَلاثَ مَرّاتٍ} أي


(١) رواه الواحدي في أسباب النزول (٣٣٩) (٦٤٨)، والماوردي في النكت والعيون (٣/ ١٤٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٥) لابن أبي حاتم.
(٢) روى البخاري في صحيحه رقم (٣٨٧) عن أنس قال: قال عمر: «وافقت ربي في ثلاث؛ فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: ١٢٥] وآية الحجاب قلت: يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلّى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ [التحريم: ٥] فنزلت هذه الآية».
(٣) قرأ بها الحسن وأبو عمرو في رواية. تنظر في: البحر لأبي حيان (٦/ ٤٧٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٣٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>