للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحكى عن الحسن: «أنه دخل (١٤٥ /أ) داره فوجد جماعة من أصدقائه قد أخرجوا سلالا من تحت سريره فيها أنواع من الحلوى وهم مكبون يأكلون، فتغرغرت عيناه وقال:

هكذا وجدناهم، هكذا وجدناهم» يعني: كبار الصحابة. وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته عن كيسه فيأخذ ما شاء منه، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سرورا بذلك (١). وقالوا إذا دلت قرينة الحال على الإذن قام ذلك مقام الإذن الصريح، وربما قبح الاستئذان واستكره كمن قدّم إليه طعام فاستأذن صاحبه في الأكل منه.

قيل: كان بنو الليث بن عمرو من كنانة يتحرجون أن يأكل أحدهم وحده، فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة. وقيل: في قوم من الأنصار إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم. وقيل: تحرجوا عن الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل، وزيادة بعضهم على بعض (٢).

فإذا دخلتم بيتا من هذه البيوت فسلموا على أهلها {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ} مشروعة من جهته وعن أنس بن مالك قال: «أوصاني رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بثلاث خصال؛ أن أسلم على من لقيته من المسلمين، وإذا دخلت بيتي أن أسلم عليهم يكثر خير أهل البيت وبصلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين». وإذا لم يكن في البيت أحد فليقل: السلام علينا من ربنا، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على أهل البيت ورحمة الله (٣). وعن ابن عباس: «إذا دخلت المسجد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» (٤).


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٥٧).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٨/ ١٧٣) وقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله وضع الحرج عن المسلمين أن يأكلوا جميعا معا إذا شاءوا أو أشتاتا متفرقين إذا أرادوا وجائز أن يكون ذلك نزل بسبب من كان يتخوف من الأغنياء الأكل من الفقير وجائز أن يكون نزل بسبب القوم الذين ذكر أنهم كانوا لا يطعمون وحدانا وبسبب غير ذلك ولا خبر بشيء من ذلك يقطع العذر ولا دلالة في ظاهر التنزيل على حقيقة شيء منه والصواب التسليم لما دل عليه ظاهر التنزيل والتوقف فيما لم يكن على صحته دليل».
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٢٧) ونسبه للبزار وابن عدى والبيهقي في شعب الإيمان.
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٨/ ١٧٤)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢/ ٤٣٦)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٢٧) ونسبه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>