للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)}

{وَالْقَواعِدُ} أي: عن الحيض والولد غير طامعات في التزويج. {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ} أي:

عن وضع الثياب، وأراد بالتبرج إظهار ما يجب إخفاؤه والبرج: سعة العين. كان المسلمون يذهبون بالضعفاء وأصحاب العاهات إلى منازلهم ليصيبوا من طعامهم. وقيل:

كانوا يذهبون بأصحاب العاهات إلى منازل أقاربهم فيأكلوا من طعامهم، فخاف الآكلون أن يلحقهم حرج في ذلك فنزلت (١).

وقيل: كان الرجل يسافر ويدع على منزله واحدا من هؤلاء، وترك بعضهم رجلا يقال له: مالك ابن زيد في بيته، فلما جاء صاحب المنزل وجد مالكا مهزولا فقال: ما أصابك؟ فقال: لم يكن عندي شيء، ولا يحل أكل مالك بغير إذنك، فنزلت (٢).

وقيل: ليس على هؤلاء حرج في ترك الجهاد. فإن قلت: ما وجه دخول ترك الجهاد في هذه الآية؟ قلت: هما يشتركان في نفي الحرج. وقيل في القول الأول: إن مجالسة هؤلاء وقت الأكل قد تكره، أما الأعمى فلأنه قد تسبق يده إلى ما سبقت إليه عين غيره، وأما الأعرج فلأنه يتفجع في جلوسه، وأما المريض لا يخلو من رائحة من فيه أو أذنه أو جرح يسيل في باطنه. فإن قلت: لم لم يذكر الأولاد؟ قلت: قد دخلوا في قوله: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} لأن ولد الرجل بعضه، وحكمه حكم نفسه.

{مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ} أي: إذا كان ماله تحت يدك ومفاتحه عندك فلا جناح عليك أن تشرب من لبن ماشيته، وتأكل من ثمرة بستانه. وقيل: بيوت المماليك؛ لأن مال العبد لمولاه.

قوله - عز وجل: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} أي: أصدقائكم. والصديق والرفيق يخبر به عن الواحد والجمع، ومنه قوله - تعالى: {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} (٣) ولم يقل: رفقاء.


(١) روى ذلك الطبري في تفسيره (١٨/ ١٦٩)، والماوردي في النكت والعيون (٣/ ١٤٢).
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٢٥) ونسبه للثعلبي عن ابن عباس، وفيه «خالد بن زيد» بدل «مالك».
(٣) سورة النساء، الآية (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>