للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: الخلق فيه معنى التقدير فكأنه قال: قدر كل شيء، يعني: أحدث كل شيء على مقتضي الحكمة أي: أوجده غير متفاوت. وقيل: معناه فقدر له مدة لبقائه. {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} لا تقدر على جلب نفع ولا (١٤٦ /أ) دفع ضرّ ولا إيجاد مخلوق.

{وَلا يَمْلِكُونَ} إحياء ولا إماتة.

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥)}

{قَوْمٌ آخَرُونَ} اليهود. وقيل: عدّاس مولى حويطب بن عبد العزّى، ويسار مولى العلاء بن الحضرمي، وأبو فكيهة الرومي قال ذلك النضر بن الحارث (١). جاء وأتى يستعملان بمعنى فعل فيعديان تعديته، ويجوز أن يكون بمعنى ورد ظلما، تقول: جئت المكان، ويجوز أن يحذف الجار، أي: جاءوا بظلم وزور، وظلمهم أن جعلوا أفصح العرب يتلقى من الرومي وقد أتاهم بكتاب أعجز العالم بفصاحته، والزور: نسبتهم إياه إلى الافتراء الذي هو بريء منه.

{أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أحاديث سطرها المتقدمون، كأحاديث رستم واسفنديار (٢)، جمع أسطورة، كأحدوثة. {اِكْتَتَبَها} أي: استدعى كتابتها لنفسه، وقرئ (اكتتبها) على البناء للمفعول (٣) أي: كتبها له كاتب؛ لأنه كان أميّا لا يكتب {تُمْلى عَلَيْهِ} أي: تلقى عليه ليحفظها؛ لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب.

وعن الحسن أنه قول الله - سبحانه - يكذبهم، وإنما يستقيم أن لو فتحت الهمزة على الاستفهام في معنى الإنكار (٤) كقول الشاعر [من المنسرح]:


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٨/ ١٨٢).
(٢) من ملوك الفرس.
(٣) قرأ بالبناء للمجهول طلحة بن مصرف.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٨٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٣)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٦١)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٤)، المحتسب لابن جني (٢/ ١١٧).
(٤) قاله الزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>