للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفرح أن أرزأ الكرام وأن ... أرزق ذودا شصائصا نبلا (١)

{قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦) وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠)}

{فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: يعلم كل سرّ خفي فيهما، ومنه كيدهم برسول الله صلّى الله عليه وسلم وتمحلهم للطعن في الدين.

فإن قلت: كيف طابق قوله: {إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً} هذا المعنى؟ قلت: من عادته - سبحانه وتعالى - أن يقرن الوعد بالوعيد أو: غفور رحيم لم يعاجل بالعقوبة على ما صنعتموه، لكنه أمهل وما أهمل.

{ما لِهذَا} وقع في المصحف فصل اللام عن الهاء، والأصل وصلها، وخط المصحف سنة لا تغير. وقولهم "ما لهذا": فيه تحقير واستهانة بجانب النبوة ومثله قوله - تعالى:

{أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} (٢) وتسميته بالرسول سخرية منهم، ومنه قول فرعون:

{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} (٣).

و {وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ} لطلب المعاش، يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن ذلك، ثم نزلوا فقالوا: {لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً} (١٤٦ /ب).

قوله - عز وجل: {وَقالَ الظّالِمُونَ} وضع للظاهر موضع المضمر والنصب في "فيكون" جواب {لَوْلا} التي للتحضيض. القائلون كفار قريش؛ النضر بن الحارث وعبد


(١) البيت لحضرمي بن عامر يخاطب جزء بن سنان حين اتهمه بسروره بأخذ دية أخيه المقتول.
ينظر في: تاج العروس للزبيدي (شصص)، تهذيب اللغة للأزهري (١١/ ٢٦٣)، جمهرة اللغة (ص: ٣٧٩)، العين المنسوب للخليل (٨/ ٣٢٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٤)، لسان العرب (شصص)، مقاييس اللغة (٥/ ٣٨٣) ويروى "أورث" بدل "أرزق". أي: أأفرح أن أعطى قطيعا من الإبل بعد موتهم، والذود: ما بين الثلاثة إلى العشرة وعبر بها عن الدية استقلالا وتحقيرا لها، والشصائص: جمع شصوص وهي الناقة قليلة اللبن، والنبل: جمع النبيل وهو الصغير من الإبل.
(٢) سورة الأنبياء، الآية (٣٦).
(٣) سورة الشعراء، الآية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>