للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد ومن ضامهم. {مَسْحُوراً} سحر فغلب على عقله، أو ذا سحر وهو الرئة، عنوا أنه بشر لا ملك.

{ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ} أي: قالوا فيك تلك الأقوال {فَضَلُّوا} عن طريق الحق فلا يجدون طريقا إلى سلوكه. جاء بكل بركة {الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً} وقرئ (ويجعل) بالرفع عطفا على {جَعَلَ} لأن الشرط إذا كان ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع (١) وقرئ بالنصب (٢) على أنه جواب الشرط بالواو.

{بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤)}

{بَلْ كَذَّبُوا} أي: أتوا بما هو أشد من ذلك كله وهو تكذيبهم بالبعث {سَعِيراً} النار الشديدة الاستعار. وقيل: هو اسم من أسماء جهنم. {إِذا رَأَتْهُمْ} من قولك: دورهم تتراءى أي: تتقابل، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم: "لا تراءى ناراهما" (٣).

كأن بعضها يرى بعضا على سبيل المجاز، والمعنى: إذا قربت منهم سمعوا صوت غليانها، وشبهه بصوت المتغيظ والزافر ويجوز أن يراد: إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضبا.

والكرب مع الضيق كما أن الفرج مع السعة، ولهذا قال {مَكاناً ضَيِّقاً} ووصف الله الجنة


(١) ينظر: الإنصاف لابن الأنباري (٢/ ٦٢٨)، شرح ابن عقيل للألفية (٤/ ٣٥)، المغني لابن هشام (١/ ٥٠٥).
(٢) قرأ ابن كثير وابن عامر وشعبة عن عاصم (ويجعل) وقرأ الباقون (ويجعل). وقرأ عبد الله بن موسى وطلحة بن سليمان (ويجعل).
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٨٤)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٦٤)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٠٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٦)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٦٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٣).
(٣) رواه أبو داود في سننه رقم (٢٦٤٥)، والترمذي رقم (١٦٠٤) عن جرير بن عبد الله قال: "بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: لا تراءى ناراهما". وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود رقم (٢٣٠٤): صحيح دون جملة العقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>