للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَنِ الذِّكْرِ} ويجوز أن يريد نطقه بشهادة الحق و {الشَّيْطانُ} إشارة إلى خليله أو إلى إبليس، أو الجنس، أو كل من تشيطن من الجن والإنس، وهذا الكلام من كلام الظالم أو كلام مستأنف.

{الرَّسُولُ} محمد صلّى الله عليه وسلم وقومه قريش حكى شكاية رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قومه وكان الأنبياء إذا التجأوا إلى الله فيمن ظلمهم عذبوا ولم يمهلوا، ثم سلاّه فقال: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ} (١) أي: قبلك أعداء {مِنَ الْمُجْرِمِينَ}.

{مَهْجُوراً} أعرضوا عنه وهجروه. وقيل: الهجر هو (١٤٨ /ب) الكلام القبيح. جعل القرآن محلاّ للتكذيب، أي: مهجورا فيه؛ كقوله: {لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} (٢) وقيل:

قالوا: إنه أساطير الأولين ومفترى. والعدو: يجوز أن يكون واحدا وجمعا {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} (٣) {نُزِّلَ} هاهنا بمعنى أنزل، قالوا: لم نزل متفرقا، ولم ينزل جملة كالتوراة والإنجيل والزبور؟ والقائلون قريش. وقيل: اليهود. أي: كذلك أنزل مفرقا لتحفظه وتقرأه على الناس على مكث، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أميّا لا يحسن الكتابة، ولو كان كاتبا لارتاب به المبطلون، وكان ينزل بحسب الحوادث، وبعضه ينسخ بعضا. وذلك لا يتأتى إلا فيما نزل مفرقا، ومعنى نزوله سورة بعد سورة وآية بعد آية.

وقيل: أمرنا بترتيله إذا قرئ، والترتيل مأخوذ من ترتيل الأسنان، وهو تفليجها، يقال:

ثغر رتل، ويفسر بنور الأقحوان في تفليجه.

{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧)}

{وَلا يَأْتُونَكَ} بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة التي كأنها مثل في البطلان، ووصف السبيل بالضلال من الإسناد المجازي، فإن الضالّ سالكه. الوزارة لا تنافي النبوة؛ فقد كان


(١) سورة الأنعام، الآية (١١٢).
(٢) سورة فصلت، الآية (٢٦).
(٣) سورة الشعراء، الآية (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>