للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفحاما لشعيب وتعجيزا له، لو تصوروا صورة سقوطها لما أخطر ذلك ببالهم (١٥٩ /ب) يروى أنه حبس عليهم الريح سبعا فخرجوا إلى البرية، فأظلتهم سحابة، فأووا إلى بردها، فأمطرت عليهم نارا. وكرر في أول كل قصة وآخرها ما كرره من المواعظ الحسنة لعلة، لعله أن يفتح آذانا صما، وقلوبا غلفا، وهكذا فائدة التكرير

{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)}

وقوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ} أي: ذو تنزيل {عَلى قَلْبِكَ} أي: لتحفظه. {بِلِسانٍ} إما أن يتعلق ب‍ {الْمُنْذِرِينَ} أي: من المنذرين باللسان العربي، وهم خمسة: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد صلوات الله عليهم. وإما أن يتعلق ب‍ {نَزَلَ} أي: نزله بلسان عربي قوله: {وَإِنَّهُ} أي: وإن ذكره {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} أي: كتبهم. وقيل: إن معانيه فيها {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} احتج به أبو حنيفة على جواز قراءة القرآن بالعجمية (١).

وقيل: الهاء في {وَإِنَّهُ} عائد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم.

قرئ {يَكُنْ} بالتذكير، و {آيَةً} بالنصب على أنها خبره {أَنْ يَعْلَمَهُ} هو الاسم، وقرئ {يَكُنْ} بالتأنيث (٢)، وجعلت {آيَةً} اسما و {أَنْ يَعْلَمَهُ} خبرا، وليست كالأولى؛ لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا، وقد خرج لها وجه آخر للتخلص من ذلك، فقيل في {يَكُنْ} ضمير القصة و {آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ} جملة واقعة موقع الخبر، ويجوز على هذا أن تكون {لَهُمْ آيَةً} هي جملة الشأن و {أَنْ يَعْلَمَهُ} بدلا عن {آيَةً} ويجوز مع نصب الآية تأنيث


(١) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (١/ ٢٩٦)، المبسوط للسرخسي (١/ ٣٥).
(٢) قرأ ابن عامر من العشرة "تكن" بالتاء للمؤنث، وقرأ الباقون "يكن" بالياء للمذكر.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤١)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٦٨)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٢١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٨٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٧٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٣٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>