للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرف العلم، وتقدم حملته وأهله، ويجب عليهم شكر الله تعالى على ما وهبهم من العلم، ويجب على من وهب العلم أن يعتقدوا أنهم وإن فضلوا على كثير فقد فضل عليهم غيرهم وقد قال عمر: "كل الناس أفقه من عمر" (١) هضما لنفسه.

{وَوَرِثَ سُلَيْمانُ}: من أبيه، ورث منه النبوة والملك دون سائر بنيه. وكانوا تسعة عشر، وكان داود أكثر تعبّدا، وسليمان أقضى وأشكر لنعمة الله. {وَقالَ يا أَيُّهَا النّاسُ} تشهيرا لنعمة الله وإظهارا لها؛ {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (٢) وطلب من الناس تصديقهم بهذه المعجزة بعد النظر فيها. و {مَنْطِقَ} كل ما يصوّت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد، وقد ترجم يعقوب (٣) كتابه ب‍ "إصلاح المنطق" وما أصلح فيه إلا مفردات الكلم (٤). والذي


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة النساء، الآية (٢٠).
(٢) سورة الضحى، الآية (١١).
(٣) هو شيخ العربية أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت البغدادي النحوي المؤدب مؤلف كتاب إصلاح المنطق، ديّن خيّر، حجة في العربية، أخذ عن أبي عمرو الشيباني وطائفة، روى عنه أبو عكرمة الضبي وأحمد بن فرح المفسر وجماعة، وكان أبوه مؤدبا فتعلم يعقوب وبرع في النحو واللغة وأدّب أولاد الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر ثم ارتفع محله وأدب ولد المتوكل، وله من التصانيف نحوا من عشرين كتابا. ولابن السكيت شعر جيد. ويروى أن المتوكل نظر إلى ابنيه المعتز والمؤيد فقال لابن السكيت: من أحب إليك هما أو الحسن والحسين؟ فقال: بل قنبر. فأمر الأتراك فداسوا بطنه فمات بعد يوم وقيل: حمل ميتا في بساط ... قال ثعلب: أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت، وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز فلما حضر قال له ابن السكيت: بم تحب أن تبدأ قال: بالانصراف. قال فأقوم. قال المعتز: فأنا أخف منك. وبادر، فعثر، فسقط، وخجل فقال يعقوب:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته بالقول تذهب رأسه وعثرته بالرجل تبرا على مهل قيل: كتاب إصلاح المنطق كتاب بلا خطبة وكتاب أدب الكاتب خطبة بلا كتاب. قلت - أي: الذهبي. إصلاح المنطق كتاب نفيس مشكور في اللغة. مات ابن السكيت سنة أربع وأربعين ومائتين.
تنظر ترجمته في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (١٤/ ٢٧٣)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٢/ ١٦ - ١٩).
(٤) قال حاجي خليفة في كشف الظنون (١/ ١٠٨): "إصلاح المنطق من الكتب المختصرة الممتعة في الأدب ولذلك تلاعب الأدباء بأنواع من التصرفات فيه؛ فشرحه أبو العباس أحمد بن محمد المريسي المتوفّى في حدود سنة ستين وأربعمائة، وزاد ألفاظا في الغريب، وأبو منصور محمد بن أحمد الهروي المتوفّى سنة سبعين وثلاثمائة، وشرح أبياته أبو محمد يوسف بن الحسن بن السيرافي النحوي المتوفّى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ورتبه الشيخ أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري المتوفّى سنة ست عشرة وستمائة على الحروف، وهذبه أبو علي الحسن بن المظفر النيسابوري الضرير المتوفى سنة اثنتين -

<<  <  ج: ص:  >  >>