للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{اِذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ (٢٨) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩)}

{أَلاّ يَسْجُدُوا} أي: لأن، ويجوز أن تكون "لا" زائدة، وسمي المخبوء بالمصدر وهو النبات والمطر وجميع ما خبأه الله عز وجل من غيوبه، وقوله: {أَلاّ يَسْجُدُوا} من كلام الهدهد. وقيل: من كلام الله تعالى. وقرأ الكسائي "ألا" مخفّفا (١) "يا اسجدوا" أي: يا قوم اسجدوا، وسجدة التلاوة مطلق به في القراءتين جميعا؛ لأن الطلب إمّا بأمر أو بثناء على فاعله أو ذم لتاركه، وإحدى القراءتين أمر، والثانية ذمّ لمن تركه، وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد فغير مرجوع إليه (٢). ووصف عرش بلقيس بالعظم بالنسبة إلى مملكتها ووصف عرش الله تعالى بالعظم بالنسبة إلى جميع المخلوقات. قوله: أصدقت {أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ} أبلغ من أن يقول: أم كذبت؛ لأنه أراد الانخراط في سلك الكاذبين. {تَوَلَّ عَنْهُمْ} تنحّ عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه؛ ليكون ما يقولون بمسمع منك، وهذه معجزة عظيمة، حيث صار الهدهد يفهم كلام بني آدم ويؤديه إلى سليمان. {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} بالجمع، وإنما ألقاه على بلقيس؛ لأنه قال: {وَجَدْتُها وَقَوْمَها} أي: ألقه إلى القوم الذين هذا شأنهم. {كَرِيمٌ} مضمونه حسن. وقيل: مختوم.

وفي الحديث: "كرم الكتاب ختمه" (٣).


(١) قرأ بها الكسائي وأبو جعفر ورويس، وقرأ باقي العشرة "ألا يسجدوا" بتشديد اللام. قال الكسائي: ما كنت أسمع الأشياخ يقرؤونها إلا بالتخفيف على نية الأمر. وعلى هذه القراءة تكون " ألا" حرف تنبيه واستفتاح، وما بعدها حرف نداء، و "اسجدوا" فعل أمر، وكان حق الخط على هذه القراءة أن يكون هكذا (ألا يا اسجدوا) ولكن الصحابة - رضي الله عنهم - أسقطوا الألف من "يا" وهمزة الوصل من "اسجدوا" ووصلوا الياء بسين "اسجدوا" فصارت صورة الخط: "ألا يسجدوا".
وتنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٦٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٧٠)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٢٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٨٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٤٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٧).
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ١١٥) وعبارته: ومن قرأ بالتخفيف فهو موضع سجدة من القرآن، ومن قرأ بالتشديد فليس بموضع سجدة. وفي الأصل "غير مرجوح" والمثبت كما في الكشاف وهو الأنسب.
(٣) رواه الطبراني في المعجم الأوسط رقم (٣٨٧٢) عن ابن عباس، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ١٠٢) ونسبه للطبراني وقال: وفيه محمد بن مروان السدي وهو متروك. وذكره العجلوني في -

<<  <  ج: ص:  >  >>