للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١)}

ومعنى {اِدّارَكَ عِلْمُهُمْ} تكامل، وتدارك: تتابع واستحكم ومعناه: أن النظر قد أدّى إلى أن قيام الساعة من جملة الحكمة، وأنه حق لا ريب فيه وهم في شك من ذلك. {عَمُونَ} عن إدراكه، يريد: الكفار ونسبهم إلى السماوات والأرض؛ لأن من كان في أحد شيئين فهو فيهما؛ كما تقول: بنو فلان، قالوا وفعلوا، {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً} (١) والقاتل عدد قليل، ومعنى الكلام أنه نفي لعلمهم واستهزاء بهم؛ كما تقول للجاهل: ما أعلمك؛ تستهزئ به، يعني أنهم قد علموا الدليل الدالّ على وجوب قيام الساعة، فما أجهلهم؛ حيث أنكروا الطريق الدال عليها.

وفي {اِدّارَكَ} و {اِدّارَكَ} معنى آخر وهو أن يكون بمعنى فني؛ يقال: أدركت الثمرة إذا تناهت لأنها عند ذلك تعدم، وقد قال الحسن: إن معناه اضمحل (٢)، ويقال: تدارك بنو فلان، إذا تتابعوا في الهلاك {فِي الْآخِرَةِ} أي: في شأنها، ومعنى {بَلِ} وتكرارها:

الانتقال من أمر إلى أمر، لا إبطال الأول.

فإن قلت: قدّم في هذه الآية {هذا} على {نَحْنُ وَآباؤُنا} وفي آية أخرى قدّم {نَحْنُ وَآباؤُنا} على {هذَا} (٣)؟ قلت: العرب تقدم ما هم ببيانه أعنى؟

{وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} الضّيق والضّيق بمعنى، ويجوز أن يكون الضّيق بمعنى الضيّق، وقد يكون الضيّق مخففا من ضيّق.

{قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ}


= (٥/ ٣٢٤)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ١٤٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٥٦)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٤٢).
(١) سورة البقرة، الآية (٧٢).
(٢) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٢٩١٤)، ونسبه له السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٧٥).
(٣) في قوله تعالى: لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ سورة المؤمنون، الآية (٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>