للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولى أن يحفظوا. وسخر لهم في واد غير ذي زرع أن جلب إلى مكة أنواع الثمرات.

وقوله: {ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي: أكثرها؛ فإن بعضها لا يتيسر نقله إليها.

وقوله: {رِزْقاً} إن جعلته مصدرا انتصب بأنه مفعول له، وإن جعلته اسم المرزوق، كان مفعولا به معمولا ل‍ {يُجْبى}. {مَعِيشَتَها} منصوب بحذف حرف الجر، أي:

بطرت في معيشتها، أو: بتقدير حذف الزمان، أي: بطرت في زمن معيشتها. أو ضمن "بطرت" معنى: كفرت وغمطت. بطر النعمة هو ألا يرعى حق الله فيها. {إِلاّ قَلِيلاً} من السّكنى، أي: لا يسكنها إلا المسافر، ومارّ الطريق يقضي فيها وطره ثم يرحل. {وَكُنّا نَحْنُ الْوارِثِينَ} لتلك المساكن، قال الشاعر [من الكامل]:

تتخلّف الآثار عن أصحابها ... حينا ويدركها الفناء فتتبع (١)

{حَتّى يَبْعَثَ} في القرية التي هي أمّ لما سواها. {رَسُولاً} لإلزام الحجة وقطع المعاذير وقيل: المراد بأم القرى: مكة؛ فإن الأرض دحيت من تحتها. {لاقِيهِ} أي: يلقاه؛ كقوله تعالى: {وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (٢) {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (٣).

{مِنَ الْمُحْضَرِينَ} الذين أحضروا للنار، ولا تكاد تجد في القرآن لفظ المحضر إلا ومعناه:

المحضر للعذاب {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} (٤) {فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} (٥) قيل: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل (٦). وقيل: في علي وحمزة (٧). (١٧٣ /ب) وقيل: في عمار ابن ياسر والوليد بن المغيرة (٨). والفاء في قوله: {أَفَمَنْ وَعَدْناهُ} معناها: أبعد هذا البيان


(١) البيت للمتنبي، ينظر في: الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٢٤)، نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري (١/ ٧١٢)، الوساطة بين المتنبي وخصومه لأبي الحسن الجرجاني (٢٤٦)، وفيات الأعيان لابن خلكان (١٢٣٧)، والبيت الذي قبله:
أين الذي الهرمان من بنيانه ما قومه ما يومه ما المصرع
(٢) سورة الإنسان، الآية (١١).
(٣) سورة مريم، الآية (٥٩).
(٤) سورة الصافات، الآية (٥٧).
(٥) سورة الصافات، الآية (١٢٧).
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ٩٧)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٣١).
(٧) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ٩٧).
(٨) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>