للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو: لا تعجزون أمره الجاري في السماء والأرض أن يجري عليكم حكمه. وقيل: {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} لو تغلغلتم في أعماق الأرض أو علوتم في القصور المشيدة.

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥)}

{بِآياتِ اللهِ} بدلائله على قدرته وصدق رسله وعلى البعث. {يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} أي: في الآخرة؛ لقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} (١).

لا يجوز للمسلم أن ييأس من رحمة الله وروحه. قرئ {جَوابَ قَوْمِهِ} بالنصب والرفع (٢). وروي: أنه لم ينتفع بالنار يوم ألقي إبراهيم فيها؛ لذهاب حرّها.

قرئ {مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} بنصب المودة (٣). ليكون ذلك سببا لتوادّكم ومحبتكم، أو اتخذتموها مودة؛ لقوله تعالى: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} (٤).

وقرئ بالرفع (٥) خبرا ل‍ "إنّ " على أن "ما" موصولة، وقرئ بنصب {بَيْنِكُمْ} مع الإضافة (٦) كقوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (٧). بفتح {بَيْنِكُمْ} وهو فاعل. {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} تكون تلك المودة بغضا ولعنة. {وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ} كما زعمتم أنهم


(١) سورة الروم، الآية (١٢).
(٢) تقدم تخريج القراءة عند تفسير سورة النمل، الآية (٥٦).
(٣) قرأ بها عاصم في رواية حفص عنه، وحمزة وروح. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٤٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٧٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٥٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٦٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٩٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٠٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٣).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٦٥).
(٥) قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس. تنظر المراجع السابقة.
(٦) قال السمين الحلبي في الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٦٤): نقلت عن عاصم.
(٧) سورة الأنعام، الآية (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>