كان لوط ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تؤثر في إحراقه، وقال إبراهيم {إِنِّي مُهاجِرٌ} من لوثى وهي من ضياع الكوفة إلى حرّان ثم منها إلى فلسطين. {إِلى رَبِّي} إلى حيث أمرني ربي بالهجرة إليه، وكان معه سارة زوجته ولوط ابن أخيه في هجرته. {أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا} الثناء الحسن، والصلاة عليه إلى يوم القيامة.
فإن قلت: ولم لم يذكر إسماعيل عليه السلام؟ وذكر إسحاق وذريته؟! قلت: ذكر إسماعيل في قوله: (١٧٦ /ب){وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ} والمراد بالكتاب جنس الكتاب فيدخل فيه التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
{وَلُوطاً} معطوف على {إِبْراهِيمَ} أو على ما عطف عليه. والفاحشة: الفعلة البالغة القبح. وقطع السبيل: هو فعل قطاع الطريق. وقيل: هو الإتيان في غير المأتي؛ فإنه ليس محل حرث، ولا بذر. والمنكر: هو الخذف بالحصى والرمي بالبنادق. والدّفعة بالأصابع، ومضغ العلك والسواك بين الناس، والسباب والفحش في المزاح.
وعن عائشة رضي الله عنها:"كانوا يتضارطون"(١).وقيل: السخرية ممن يمر بهم.
وقيل: المجاهرة في ناديهم بذلك العمل. وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، وكانوا يحملون الناس على الفاحشة التي يعملونها طوعا وكرها. أراد لوط عليه السلام أن يؤكد السؤال في هلاك قومه فوصفهم بالفساد، والفساد تستحق العقوبة بسببه.
(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ١٤٥)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٦١) للبخاري في تاريخه ولابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها.