للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين؛ كانوا بمكة لا يتمكنون من إقامة شعائر دينهم فدلهم الله على الهجرة. والتقدير في الآية: وإياي اعبدوا فاعبدون. ومعنى الفاء في {فَاعْبُدُونِ} جواب شرط مقدر؛ المعنى:

إن لم يتيسر لكم القيام بوظائف الدين في أرض فأخلصوا لله العبادة في غيرها. المعنى: أنها تحس بالموت إحساس الذائق. {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} لننزلنهم، وقرئ {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} (١) والوجه في تعديته إلى ضمير المؤمنين، وإلى العرف إجراؤه مجرى لننزلنهم ولنثوينهم، وتقديم المجرور في قوله: {وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} يدل على الاختصاص. الدابة: اسم لكل نفس دبت على وجه الأرض عقلت أو لم تعقل.

قيل: كان المسلمون إذا أمروا بالهجرة قالوا: كيف نذهب إلى بلد ليس لنا فيه رزق ولا معيشة؟ فنزلت {لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} لضعفها عن حمله. {اللهُ يَرْزُقُها وَإِيّاكُمْ}.

وقيل: لا تحمل رزقها، أي: لا تدخر شيئا لغد. قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} يريد: أهل مكة.

{يُؤْفَكُونَ} يصرفون عن التوحيد. قدر الرزق وقتره: إذا ضيقه، يحتمل أن يراد:

ويقدر له: يجمع له بين التوسعة والتقتير، وأن يكون المراد شخصين في وقتين. {وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} كما يلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون. {وَإِنَّ الدّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ} الدائمة. والحيوان: مصدر وهذا الوزن الحركة والاضطراب؛ كالنزوان والغليان والضربان؛ فهو أبلغ من أن يقول: لهي الحياة.

{فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)}


(١) قرأ بها حمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون "لنبوئنهم". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٥٧)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٨١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٥٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٦٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٠٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢١٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>