للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ} الفاء في قوله: {فَإِذا رَكِبُوا} أي: هم على ما هم عليه من دعوى الشرك فإذا دهمهم أمر عظيم التجأوا إلى الله وحده، وسماهم {مُخْلِصِينَ} تهكّما بهم.

اللام في {لِيَكْفُرُوا،} و {وَلِيَتَمَتَّعُوا} يجوز أن تكون لام كي، وأن تكون لام الأمر للتهديد. وجاء قوله: {وَلِيَتَمَتَّعُوا} إيذانا بفساد ذلك الإخلاص الذي أخلصوه في الشدة.

كانت العرب حول مكة يغير بعضهم على بعض، ويأكل القوي منهم الضعيف، وكان أهل الحرم آمنين في رحلتي الشتاء والصيف؛ فذكرهم الله تعالى هذه النعمة.

قوله: {لَمّا جاءَهُ} أي: كذبوا به لما جاءهم، ولم يتثبتوا؛ بل بادروا إلى التكذيب.

{جاهَدُوا فِينا} أي: بالصبر على قتال الكفار وأذاهم. وقوله: {فِينا} أي: في طاعتنا.

قوله: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ} لنزيدنهم هداية إلى سبل الخير. وعن أبي سليمان الداراني (١):

والذين جاهدوا فيما عملوا لنهدينهم إلى ما لم يعملوا (٢). وقيل: إن الذي (١٧٨ /ب) يشاهد فينا من جهلنا بما لا نعلم إنما هو من تقصيرنا فيما علمناه. {لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} لناصرهم ومعينهم.

***


(١) هو الإمام زاهد العصر عبد الرحمن بن أحمد بن عطية أبو سليمان الداراني من أهل داريا وهي ضيعة إلى جنب دمشق كان أحد عباد الله الصالحين ومن الزهاد المتعبدين، ورد بغداد وأقام بها مدة ثم عاد إلى الشام فأقام بداريا حتى توفي سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل: سنة خمس ومائتين.
تنظر ترجمته في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (١٠/ ٢٤٨)، حلية الأولياء لأبي نعيم (٩/ ٢٥٤)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٠/ ١٨٢).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>